Thursday, December 11, 2008

قصيدة بداية الصيف في حجرة بغي عجوز - مظفر النواب







ويمكن الاستماع لقصيدة بداية الصيف في حجرة بغي عجوز وتنزيل الملف الصوتي من هذا الرابط أيضاً


مظفر النواب

بداية الصيف في حجرة بغي عجوز

في الـنوافـذ كان الضحى يتداعى
وكانت خزانتها تشتكي عـرجاً
من هـموم السـنيـن
ومن تركـات الخطايا
تبـخـر وجه الـزبون الأخيـر
وكان عـجـوزا
بـقـايا مـن الأمـس
لـم يـبق فـيه مـن الـشـهـوات سـوى
رجـفـة مـن بقـايا الـبقـايا
لـقـد كان بالأمـس يعـرف حـتى
بـيـوت الـرجال الـبغايا
هي الآن لـم يـبـق منها ســوى
فـخـذ كـالـدجـاج المـريـض
وقــد كـان شـهـوة كـل الـرجـال
ومازال بـعـد سـعـال الـزبـون الـعـجـوز
يـرن كـما جـرس لـحـمار بـعـيد
فـقـد أفـلـس الآن جـداً
وكـم أفـلـسـت مـن قـضايا
عـلى الـحبـل
وهـو طـويـل لـنشـر الفـضائح
كان لـباس ســيخـدش أسـماعـكم ذكـره
كـان يـوماً فـراشـة ليـل تطير
وتـمتص كـل بـريـق المرايا
ولـيس الـسـرير سـوى
بقـع من تـراث الـسـنين
رجـالٌ هـنا سـجدوا
وامتـطـت ظهـرهـم في صباهـا مـطـايا
إنهـا الآن تعـبق مـنها الـثقـوب
كما مـنخـل مـثخـم بالـجـراح
وتنـزف رائحة الـثوم منها
وما ثم تحـت الغـطاء
سـوى كـومـة مـن عـضايا
سـلام عـلى الـشـمس
تـمسـح إثـم الـمـسـاء الـطـويل
وتـدفي العـظام الـرميم
تمطت فـأنّ السـرير
يعـيد إليهـا مـن الأمس
صـوت زبـون فـتي
يـجيء بـيوم مـطير
فـمها الآن يأخـذ أشـكـال مفـزعة
فـهي نامـت بلا جـسـر أسـنانهـا
فـهـو طـوراً يغـور
ويسـحـب خـديـن قـد عـجـفا
من سـنين وطـوراً
يـثور بـرائـحة الـحـزن والـتركـات
ومـدت يـداً مـن مـواجـع عـمياء
تـبحـث عـن جـسـر
أسـنـانـها الـذهـبي الـصغـير
ما الـذي ينفـع الجـسـر
وهـو يـنازع بيـن الـشـهيق وبـين الـزفـير
نـزعـت عـلكـة الأمـس عـنه
أدارت كـما قـطـط الـدرب
فـي شـهـوة أذنـيـها
زبـائـنها هـرمـوا فـي الـمـسـيرات
عـشـريـن عـاماً وهـم يـزعـقـون
يعـيـش الـحـمـار زعـيـم الـحـمـير
قــلـصت عـنقـهـا الـسـلحـفـاتي
واسـتـجـمعت ما بـهـا مـن بـصـاق الـسـنين
وتـفـت عـليهم
فـجاء عـلى ثـوبـهـا الـداخـلـي
الـمعـلق بالـحـبـل
أعـطـاه معـنى مثـيـر
هـا هي الآن هـيكـل مـوت يـدب
أطـلـت عـلى نفـسـها في الـمـرايا
رأتهـم جـميعا بمرآتها
رغـم كـل الـثـياب عـرايا
أزاحـت جـمـيـع صـباغـات
أمـس الـتـي احـتـضـرت
وانـتـقـت أحـمـر الـشـفـتين
وخـطـت وذلـك يـخـدش أسـمـاعـكـم
شـاربـيـن مـن الـبحـر لـلـبحر
فتوق لـباس كـثـير الـثـقـوب
ومـن جـوفـها إسـتفـرغـت مـضـغـتـين
من الـثـوم والـزمـهـرير
شـاربان من الـبحـر لـلبحـر
فـوق لـباس كـثيـر الـثقـوب
كـما وضعـنا الـعربي
كـلام خـطير
واقـشـعـرت صباغـاتهـا
والأثـاث الـذي اسـتهـلـكـته الـليالي
وكان الـزبون الأخـيـر
يـهـرول في ثـوبه خائـفـاً
ربـما يـجـدون ملابـسـه الـداخـلـية
في درجـها وله شـاربان
وقـد يفـحـصون الـسـرير
وكان الـزعـيـق الـحـمـاري
مـازال يـعـلو ويـخـبو
ويـعـلـو ويـخـبـو
ويـخـبـو ويـخـبـو
هي الآن تـغـفـو وقـد أكـملـت سـفـرها
حان وقـت الظـلام الـمـريـح
دعـوها فقـد رسـمت ما يلـيـق بـهم
فـي هـدوء تـنام
فـقـد حـقـقـت سـبقـهـا الـصحـفي الأخـير

No comments:

Post a Comment