Monday, March 31, 2008

قصيدة باللون الرمادي - مظفر النواب









ويمكن الاستماع لقصيدة باللون الرمادي وتنزيل الملف الصوتي من هذا الرابط أيضاً




قصيدة باللون الرمادي

الشاعر مظفر النواب


"ودمشقُ تغيرت , و قلنا الهجرةُ وطنٌ و الحقيبةُ أفضلُ المساكنْ."

دمشقُ عُدْتُ بِلا حُزني ولا فرحي يقودني شبحٌ مُضْنى إلى شبحِ

ضيعتُ مِنكِ طريقا كنتُ أعرِفُهُ سكرانَ مُغَمَضًّةً عيني من الطَفَحِ

أصابحُ الليلَ مصلوباً على جسدٍ لم أدْرِ أيَّ خفايا حُسْنِهِ قَدَحي .

أََسَى حَريرٍ شِآمِيٍّ يداعِبُهُ ابريقُ خمرٍ عراقيٍّ شجٍ نَضِحِ

دفعتُ روحي على روحي فَباعدني نَهْدانِ عن جَنةٍ في موسمٍ لَقِِحِ .

أُذْكِي فضائحَهُ لثما فيطردني شداً اليهِ غريرٌ غيرَ مُفْتَضَحِ

تَسْتَقْرِئُ الغيبَ كفي في تَحَسُسِهِ كُرَيْزَةً فوقَ ماءٍ رَيِّقٍ مَرِحِ .

يا لانحدارٍ بطيءٍ أخمصٍ رَخِصٍ ولارتفاعٍ سريعٍ طافحٍ طَمِحِ .

ماذا لقيتُ من الدنيا ؟ وأعجبهُ نهدُ عليَّ ونهدٌ كانَ في سَرَحِ .

هذا يطاعِنُني حتى أموتَ لهُ وذاكُ يمسحُ خدي بالهوى السَمِحِ .

كأنَ زهرةَ لوزٍ في تفتحها تَمِجُ في قبضتي بالعنبرِ النَفِحِ.

دِمَشقُ عدتُ وقلبي كُلُهُ قُرَحٌ وأينَ كانَ غريبٌ غيرَ ذي قُرَحِ ؟

ضاعَ الطريقُ وكان الثلجُ يغمرني والروحُ مقفرةٌ والليلُ في رَشَحِ .

هذي الحقيبةُ عادت وحدَها وطني ورحلةُ العمر عادت وحدَها قَدَحِي .

أصابحُ الليلَ مصلوبا على أملٍ أن لا أموتَ غريبا مِيْتَةَ الشَبَحِ

يا جنةً مرَ فيها الليلُ ذات ضحىْ لعلَ فيها نواسِيَّا على قَدَحي .

فحارَ زيتونها ما بينَ خُضْرَتِهِ و خُضْرَةِ الليلِ و الكاساتِ والمِلَحِ .

لَقد سَكِرْتُ من الدنيا ويوقظني ما كانَ من عِنَبٍ فيها ومِنْ بَلَحِ .

تَهِِرُ خلفي كلابُ الليلُ ناهشةً أطرافَ ثوبي على عَظْمٍ من المِنَحِ .

ضَحِكْتُ مِنْها ومِني فهيَ يقتلها سُعارها وأنا يغتالني فرَحِي
.

Thursday, March 27, 2008

قصيدة عن السلطنة المتوكلية والدراويش ودخول الفرس - مظفر النواب







ويمكن الاستماع لقصيدة عن السلطنة المتوكلية والدراويش ودخول الفرس وتنزيل الملف الصوتي من هذا الرابط أيضاً



عن السلطنة المتوكلية والدراويش ودخول الفرس

مظفر النواب

أتيت الشام
أحمل قرط بغداد السبية
بين أيدي الفرس والغلمان
مجروحاً على فرس من النسب
قصدت المسجد الأموي
لم أعثر على أحد من العرب
فقلت أرى يزيد
لعله ندمٌ على قتل الحسين
وجدته ثملا
وجيش الروم في حلب
فرشت كرامتي البيضاء في خمارة لليل
صليت الشجي
وقرأت فاتحة على الشهداء بالعبرية الفصحى
فضج ألحانُ بالأفخاذ والطرب
خرجت الى الضحى متلفتا حذرا
فألفيت العمائم
آية الكرسي تعلوها بتنقيط من الذهب
صرخت بحارة الفقراء
خلف مخيم اليرموك
يدعوكم أبو ذر
إلى عقد اجتماع جائع لتدارس الأوضاع

Tuesday, March 18, 2008

قصيدة موت العصافير على دكة مولاي أبي الليل - مظفر النواب








ويمكن الاستماع لقصيدة موت العصافير على دكة مولاي أبي الليل وتنزيل الملف الصوتي من هذا الرابط أيضاً


موت العصافير على دكة مولاي أبي الليل

مظفر النواب

يا مسيل الفرس الزرقاء في روح الغسق
وعلى سرجك ينثال رماد الليل
والغمد موشى بعراكات العصافير
وفجر المشمش الأزرق
مسترخ على راحة أقدامك
والسيف على أفق الشمالين شهيد
ووراء القمر الفج
أوت كل العصافير إلى جمجمة الحجاج
لم تعثر على جذوة تهديد
وأعينها تهتز جمرات صغيرات
بأقصى محجريه الثقفيين
غدا كل العصافير تموت
وأنا من سيفك
إن الأفق نخل بارد
هذا الصبا
أين البيوت ؟
وأنا اصرخ في وادي الأباطير وقاعات المماليك
بأن الشمس زرقاء على مئذنة العمر تموت
والعصافير على دكه مولاي تموت
أنت في بستان أحلامك بين الخمر والريحان
والأعراض قد صرت على ناقة حزن للرحيل
ما ترى أنا رحلنا بعد يافا
نحمل الخيمة في ليل الجليل
وغدا أي الحكومات ترى تذبحنا
عذرا لمولاها الذي خلف الجبل
يا أبا الليل أفق
فالطل غطى حاجبيك النبويين
وقد مات من الجوع الجمل
أين بيسان تغطيك من الحمى وتسقيك الزهورات
فبيسان وإن قد سرقوا منها قفير النحل
ما زالت تبيع البرتقالات العشيقة
تحمل السلة ملأى بالزرازير
التي قد وخست مئذنة اللّه العتيقة
والبوار يد التي صارت من الصمت
أنابيب لتصريف الوساخات عتيقة
والزعامات العتيقة
وأرى ذئبا
أرى الشام غزالا راكضا في المسك
لا يحلم إلا أن كعبا سيعيدون الجبل
فرسي خلف الجبل
كلنا نحكم من خلف الجبل
وأرى كعباً حديقة
وأرى حسان ما زال على شاربه المكي
من خمر الشمال
أيها القاطع إغفاء الزرازير
ونوم البلبل النخلي في الفجر
وغفو البرتقال
ها تثاءبت وقد هومك الوجد إلى أهلك
والنوم بعينيك زوايا
خذ لبيسان حكايا البشوات المستجدين
لكي تصنع للسواح لعبات جريح عربي وهدايا
قل لها كل الحكايا
فإذا ما حزنت عند وجاق النار
فارو من نكات الشعب في مصر
وخبرها بأن النكت الآن مرايا

Sunday, March 16, 2008

قصيدة عروس السفائن - مظفر النواب

قصيدة عروس السفائن للشاعر مظفر النواب
يوجد لدي تسجيلين لهذه القصيدة الأول مكتمل والآخر ليس مكتملا ولكنه واضح ويتضمن بعض الأبيات غير موجودة في التسجيل الأول، وهذا يفسر اختلاف التسجيل عن النص المكتوب عند الاستماع لأي من التسجيلين















ويمكن الاستماع لقصيدة عروس السفائن (التسجيل الثاني) وتنزيل الملف الصوتي من هذا الرابط أيضاً





ويمكن الاستماع لقصيدة عروس السفائن (التسجيل الأول) وتنزيل الملف الصوتي من هذا الرابط أيضاً


عروس السفائن

مظفر النواب

فوانيسُ في عُنُقِ المُهرِ.. علَّقَها الإشتهاءُ
ونجمٌ يضيءُ على عاتقِ الليلِ.. زيَّتَ نخلَ الهموم
وأعتقَ من عقدةِ الشاطئين رحيلَ السفينةِ
من سُفُنٍ لا تُضَاءُ
وناحتْ مزاميرُ ريحِِِِ الفناء فأوقظْتُ رُبانَها المُستّحيل
فذاقَ الرياحَ وأطرَبهُ الإبتلاء
وسادنُ روحي وقد أطْبَقَ الموج
حتى تَجرحَّها
أنها وحّدَت نفسها بالسفينة
من ينتمي هكذا الإنتماء
فنيتُ بعشقٍ وأفنيته بفناء
لينبتَ من فانيين بقاءُ
بنيتُ بيوتاً من الوهمِ والدمعِ
أين هوَ العشقُ.. أين هوَ العشقُ.. تم البناءُ
عروس السفائن ألصقتُ ظهري
على خشب الشمس فيك
حريصاً على الصمت.. مدماً من الناس
في البر أستنجد البحرَ.. قبل قراءاتِ بوصلتي ودليلي
وأكشفُ ما نهشتهُ الجوارح
من مضغةِ الصبر أبقي الجروحَ
مُفَتَحّةً في رياحِ المَمَالِحِ
لا يَحلمُ الجُرْح ما لم يُحَدِّقْ ويقمر
ويصبح على ألم الليل جرحا لكل قتيل
لقد دارت الشمسُ دورتها
وارتأتني الرؤى نائماً تحت ألفِ شِراعٍ
مجوسيةٌ قصتي
معبدُ النارِ فيها
وقلبي على عجلٍ للرحيل
بعيداً عن الزمن المبتلى.. يا سفينةُ
إن قليلاً من الوزر أمتعتي المزدهات
ولن تثقلي بالقليل
سأبقي المصابيح موقدةً في بهاء الصباح
مصالحةً بين صحوِ الصباحِ وصحوي
وأُبقِ الرياحَ دليلي
وأسألُ عن نورسٍ صاحبَ الروحِ أزمنة البرقِ
يومَ المُحيطاتُ كانت تنامُ بحضني نَشْوى
وما زالَ ثوبي يخضرَ من مائها
يا لهُ من زمانٍ مضى بين ألفٍ من السنواتِ الفتيةِ
يا وَجْدُ ما كُنتَ كاليوم دون حَمَاسٍ.. وما ظَلَّ في خَاطِري الآن
إلا النشيجَ اللجوجَ من اللججِ النيلجية..
والزَبَدُ الأرجوان.. المعشق في غسقٍ باللآلئ..
والزبد الأرجوان.. المزخرف بالليل
والقمر الآن من زهرتي برتقال
تغيرتَ مستعجلاً أيها الفرح الضجري
وأصبحَ محفد أغربة سطحَ قلبي
ينحن قبيل مغيب الهلال
عروس السفائن اني إنتهيت.. على سطحكِ الذهبي
ورأسي الى البحر تستاف رائحة اللانهايات
والليل.. تعبا.. يطوِّحها الموجُ ذات اليمينِ وذات الشمالِ
لقد ثَقُلَ الرأسُ بالخمرِ
والزمنُ الصعب قبل قليل
وأنهكني البحث في زمن للطحالب
عن طحلب بلأقل.. يصيخُ معي في الهزيع الى جهة المستحيل
لدى الله كل النوارس نامت
ولم يبقَ إلا سفينتك الآن
مبهورةً بالشمول
على وجهها من رذاذ الغروب
ومن عرق الله بالأرخبيل
فأين سيلقي المراسي المساء
بنيت بيوتاً من الماء هدمها الجَذْفُ
كيما يتم البناء
ومنذ نهارين في وحدة المتناقض
هذي السفينة يدفعها ويدافعها الإبتداء
يكاد السكون لما في الشراع من الاندفاع طبيعته يستمد
سليل السفائن واللانهايات
يا لانتشائك إذ يهيَزُجَ البحرُ
بالزبد الزئبقي.. ويزهو الزبرجد واللازورد
ويالازورد ويالازورد
إذا هزج البحر فالكون زاءُ منونةٌ
فوقها شدةٌ.. فوقها شدةٌ
ثم مدُّ
وللشدِّ من بعد ذلك شَدُّ.. وللشدِّ شَدُّ
وإني على الحبل من مركبي.. في الظلام أشُدُّ
وعلى دفتي في الهزيع
كما خصر أنثى أشُدُّ
وتندمل الآن يا صاحبي فالنجوم هنا لا تُعَدُّ
وأنت كما خلق الله في نشوة الخلق
بين الصواري يؤجج ما قد تبقى
من الشيب برقٌ
ويعبث فيما تبقى من القلب رعدُ
عجيب صراخك في غمرات البنفسج.. والكون
إذ يصل العتبات الأخيرة
في غفوةٍ لا يَنِدُّ
عروس السفائن لا تتركيني على عمقة الساحلين
يَجِنُ جُنوني إذا رنَّ في هدأة الليل بُعْدُ
أهيم إذا رنّ بُعْدُ
عروس السفائن لا تتركيني لذى حاكمٍ وسخٍ يَسْتَبِدُّ
لقد كفت الخمرة عن فعلها فيّ مما تداويت
واربد بالصبر جلد
أحب الحروف لها شهقةٌ بعدها لا تندُّ
وما العاشقون سوى شدة الله
أسراها لا تحد
فإن ساح صمغ البنفسج في موهن البحر
صارت تَلِزُّ.. تَلِزُّ
وصُرتُ ألِزُّ.. ألِزُّ
عروس السفائن والبردُ في ألقِ الصُبحِ خَزُّ
وليس يهاجر في الفجر إلا الأوَز
رسى السأمُ السرمدي بجسمي
وليس سوى غامضاتِ البِحار
التي تستفزُّ
أصيحُ.. خذيني لأسمع أجراسها
ان برقاً بقلبي يلز ّ
أنا عاشق أيهذي البحار أجراسكن
فقد أوحشتني الشوارع
مما بها من رؤوس تجز
وفاض وفاض الإناء
بنيت بيوتاً من الوهم والدمع أين هوَ العشقُ.. أين هوَ العشقُ
أين هو العشق.. تم البناءُ
أُحاور روحي .. وكل حوار مع الروح ماء
بكى طائر العمر في قفصي
مذ رأى مخلب الموت
ينزل في صحبه ويَكُفّ الغناء
متى أيهذي العروسُ يجيء الزمان الصفاء
ففي القلبِ مملكةٌ للدمامل
والجسد الآن في غاية الإعتلال
خذيني.. لأقرأ روح العواصف
حين تعانق سخط الليالي
خذيني فإن العصارة تغرق بالأنحلال
خذيني.. هل البحر في حاجة للسؤال؟
خذيني.. فليس سوى تعب البحر يشفي
وينقذ من فقمات المقاهي
كفى لغطاً عاهراً أيها الفقمات
كفى يا ضفادع هذا النقيق الدنيء
فأنتم سبات
سأصرخ يا بحر.... يا رقص... يا رب.. يا عتمات..
زٌحَارٌ بكل التقاليدِ
لا يتبعَ البحرُ بوصلةً
بل تتابعه البوصلات..
زحار ببحارة يرهنون لحاهم لدى ساحل
واعصفي فالمقادير أفلتت عن إرادتها العجلات
سيولٌ على بعضها تتواكب في زحمة الإرتطام
وفي دمهم يعبرُ السائرونَ
إذا لَزِمَ المعبرُ
ومن قطرةٍ يعرف المصدر
هي اللحظة اقتربتْ فابشروا
تَهِبُّ البنادق تستهترُ.. وتصحو النيازك والعنبرُ
ويأتي دمٌ مُدْلَهِمٌ مُخيفٌ
أقَلُّ ارتطاماته مَحشرُ
وعاصفُ أسودُ ذو ألفِ عينٍ
على متنهِ عاصفٌ أحمرُ
وتمسي الذقونَ ذُنَابَ عَقاربَ
في أوجهِ الخائفينَ وما زوّروا
فذئبٍ بفخذينِ من آخرٍ
يَدفِنُ الوجهَ رُعباً
فهم نسقٌ راعشٌ أصفرُ
لقد كنتُ أحلمُ وعياً
وفي حلمٍ بالذي سوف يأتي وفاءُ
ومرّت جنازةُ طفلٍ على حُلُمي بالعَشِيِّ
يرادُ بها ظاهرَ الشامِ، قلتُ:
أثانيةً كربلاءُ
فقالوا من اللاجئين.. كَفَرْتُ
وهل ثم أرضٌ تسمى لجوءاًً لنُدفن فيها
وهل في التراب كذلك
مقبرةٌ أغنياء.. ومقبرة فقراءُ
تلفتّ في ظاهرِ الشام أبحثُ عن موضعٍ
لا يمتُّ لغير منابعه
ندفنُ الطفلَ فيه
وقد دبَّ فينا المساءُ
وكان على كل أرضٍ نظام الحوانيت
يتبعنا في الغروب
وكان يُشارُ لنا: غُرَبَاءُ
وحين دنونا لمقبرة ليس من مالكين لها
جَعْجَعَ الحرس الأموي بنا: فُرزَت للخليفة
صحت بل يفرز الخلفاء!!
وكان نسيم الطفولة ينضحُ مما شقوق الجنازة
بين المخيم والشام تنصت أين اللقاء
جنازة من هذه؟ ولماذا بلا وطن؟
وكلاب الخليفة تنبح من حولها
والمخيم يحملها راكضاً والشواهد تعرقُ
قلت: اعرقي
واكفهرّ على تلة في البعيد الشتاء
أليست هي الأرض ملك لرب العباد؟
وهذي الجنازة أصغر من أصبعي.. فادفنوها
وأم الجنازة يكسرها الإنحناء
وجد الجنازة أعمى يتأتئ
والعينُ يرشح منها على الصمت ماءُ
فقيل لنا: مبلغٌ يحسم الأمرَ
فاجتمع الفقراءُ
فللمال أفعاله يستفز
هنا دفن الطفل في آخر الأمر
يا أرض غزة فاسترجعيه
لئلا مقابرهم تستفزُّ
وليس يهاجر في موهن الليل إلا الأُوَزُّ
عروس السفائن إن المراكب
ان لم يكن فوقها عالمٌ بالبحار تنزُّ
ويلقي بها الليل منهكةً يتناوح فيها النشيج
ويرتفع البحر جيما عجيبةَ
اما تصاعد منه الضجيج
وما نقطة الجيم الا البقية من جنةٍ
أنهك الحبر فيها الأريجُ
وأسأل هل نزل الطفل في قبره...
لاجئاً بين أمواتنا
لكأن اللجوء مصير اللجوجِ
عروس السفائن أسندت ظهري على خشب الشمس فيك
حريصاً على الصمت.. أستنجد البحر
إن الجماهير في شاغلٍ والدهاقين في قمة النفط
في حكةٍ بين أفخاذهم
والزمانُ على عجل للرحيل
وقد دارت الشمس دورتها
وانتهى اليوم
والشمس ترجئ بعض الدقائق.. قبل الأصيل
خذيني الى البحر
يا أيُّهذي العروس
لقد مَلَّ قلبي ألاعيبَ أهل السياسة
والرأس أثقله الخمر
والزمن الصعب.. قبل قليل
وكل النوارس نامت
ولم يبق إلا السفينة مبهورة بالشمول
عروس السفائن يا هودجاً.. يتهودج بين الكواكب
فليمرج البحر.. ولتحمليني لوادي الملوك
أرى عربات الزمان مُطَعّمَةً
تلج الأبدية في معبد الشمس
شامخةً (طيبة) الآن
تلبس كل مفاتنها.. نهدها في اهتزازِ
ويرتفع الحزن من فوق أكتافها
يتبارك بالموكب الملكي
ترتفع الابتهالات.. فرعونُ
يرتفع الصبح.. فرعون.. فرعون
يرتفع المجدُ.. ترتفع الخيل بالرسل الذهبية
أصرخ قِفْ!
يتوقف رب الزمان
وقلبي توقف في الحزن كالحجر الأرجوازي
و(طيبة) شامخة نهدها في اهتزاز
رفعت عيوني الى نثر طيبة
فوق الجبين الذي مسحته الخليقة بالخمر
والإعتزاز
أفرعون يا من تُخلد أهرامكَ الموتى
أسرع هنالك من يَقتنيْ هرماً للمخازي
تقزّزَ وجهُ الإله.. وألهبَ ظهرُ الجيادِ سياطاً وقرحها
صحتُ قفْ أيها السادنُ الأبديّ
فمن يملكون السدانة قد سرقوا شعب مصر
زَوّرُوا شعبَ مصرَ
وقعوا باسم مصر ومصر بُراءُ
شربوا نخبها وهي جائعة
ليس في قدميها حذاء
ولكن متى كان فرعون يصغي!
دعوت أبا المسك
لكن متى كان كافور يصغي !
استجرت المماليك
لكنهم أرسلوا مصر فوق الجمال
لوالي الجزيرة كسوة
ووالي الجزيرة بين سراويله
الحل.. والربط.. والزيت.. والموت.. والحرب..
والسلم.. والعنعناتُ
وأكثر ما يُفرخ الأمعاتُ
ولكن لمصر مواعيدها.. للصعيد مواعيدهُ
للرصاص مواعيدهُ
والنجوم هنا لا تُعَدُّ
وليس أمام البراكين في لحظة الروعِ سَدُّ
وهذي الشوارع إن هدرت قدر مستبد
وهذي الفوانيس تفضي لحلوان في الليل
حيث السلاح الخفي يُعَدُّ
أعدوا لهم ولعاهرهم، إن عاهر نجد يعد
لقد حاولوا أن يهدوا على "ناصر" قبره
فهو معترض دربهم
كل قبر بما يحتوي القبر حد
ومصر التي دونت كل حرف
تجيز القراءات سبعا
وما يقرؤون فما لغة
بل خليط من الرطن بعد
لقد ذبحت ناقة الله واقتسم السفهاء
والقبور لهن لدى الله حَدُّ
ولكن لدى الله جند، ومصرُ الرحيمة
لا ترحم السفهاء
أنا لست بالناصري
ولكنهم ألقوا القبض ميتاً عليه
وعري من كفن نسجته قرى مصر من دمعتيها
إذاً.. سقط الآن عن بعض من دفنوه الطلاء
وإن الخلافة آلت لمن أثر للقرون بجبهته
وعليق فمن أين يرجى الحياء
أقول لناصر أخطأت فينا اجتهاداً
ولكننا أمناء
وأن الذي في الكنانة مما رحمتَ فأطلقتَ بالأمس
يكافئكَ الطلقاء
لئن كان كافور أمس خصياً
فكافورها اليوم ينجب فيه الخصاء
تفتق فيه الغباءُ ذكاءً
ومن مُشْكِلٍ يتذاكى.. بدون حياءٍ غباءُ
وما عجبٌ ترسل الريح في أزمةٍ
وتلفُّ بموضعها الخنفساء
ولكن تموت على ظهرها وتكابر؟
بين الخنافس داء
مسألةٌ تقتضي فوهَ ماءُ
ومهما السجون تضم أماماً
يظل على شفة الكادحين الغناء
ومصر التي في السجون مع الرفض
أما التي في البيانات مصر البغاء
وحاشا فإن من النيل ما يغسل الدهرَ
مهما طغى الحاكمون الجفاءُ
لمن في الظلام الدماء
لمن في الظلام التوابيت تمشي
وفيم الحراسات حول المقابر
قال الذي يتلفت: ان العزيز يمر على شهداء (المحلة) بالطائرة
فقلت: هو القسط يُدْفَعُ
أقفل فمك
وفيم العجالة في الدفن؟
أقفل فمك فالمباحث من حولنا ساهرة
وفيم العجالة في الدفن؟
أسكت!
مخافة أن يزحف الدم في القاهرة
صرخت: سيزحف.. علمني زمن بالعراق
بأن الدماء هي الآخرة...
وحين الصعيد يطوق قصر المماليك
لست أبالغ يجتمع الله في الناصرة
تقول البيانات قد قتلوا عاملاً واحداً
تكذب العاهرة
فهذا دم يجمع العرب الفقراء
من الأطلسي الى صفقة في الخليج
وقد كفرت نخلة حين بيعت
وإني من النخلة الكافرة
أرى الأرض تنقل أيضاً مع النفط
في الباخرة
خنازير هذا الخليج يبيعوننا
والذين هنا يمسحون قذارتهم بالقروض
لقد تمت الدائرة
لمن في الظلام الدماء؟.. سؤال يلح
وتزهر من حوله أعين السائرين على جثث
زيتتها المكائن والدم والكبرياء
ستبقى المكائن هذي مزيتة بالدماء
وينتج عنها قماش دماء
عروس السفائن أصحرت مبتعداً عن متاهات روحي فيك
فإني من أمة تتفجر في ليلها الصحراء
وما بدعة لا أرى في المذاهب غير جواهرها
ما بهذا انتقاء
أمد جذوري تضرب في الأرض
عن ثقة ثم في الأرض مهما يشكك ماء
وليس على ناظري الغشاوة فيما رأيت
ولكن على أمةٍ حَرّفَتْ مبدعيها غشاءُ
(أبا ذر) إنا نفيناك ثانيةً
حين قُلنا بمحض الفجاجةِ:
من غير روحك يبتدئ الفقراء
وما كَفَنٌ قد شَرَطْتَ وعشت به في الزمان
فناراً تحاولك العادياء
سوى أن فائض مال رفضتَ
وشرعّت أن الخلائق خَلْقٌ سواءُ
وأنك في الفكر والروح أصلٌ
ومن معجز الملتقى.. يتوحد فيك الثرى والفضاء
بنيت بيوتاً من الوهم والدمع
أين هوَ العشقُ.. تم البناء
بكى طائر العمر في قفصي
إذ رأى مخلب الموت ينزل في صحبه
ويكفّ الغناء
فأنبته أن يصدِّح كي يُسكر القفص الدنيوي
فإن انفلاتاً من الشرط بدءٌ لفك الشروط
كما تتعرى مراهقةٌ تتمتع حلمتها
أن يراها الهواء
ومنذ نهارين والطائر المشرئب.. يحدق في الأفق
ماذا تراه يشفُّ الوراء
كأن به هاجساً يتقرب من خطر
أو به خطر.. أنها الأرض تدخل منزلةً وتشاء
هو الآن في وحدة المتناقض
حيث يتم النقيض الجديد
ويستكمل الدورة الإنحناء
أحاورُ روحي أحاورها
وحوارٌ مع الروح ماءُ
عروس العرائس أدعو النجوم الى قمرتي
فأنا أُولِمُ الليل نذراً
وألبسُ أبهى ثيابي
فقد كنتُ عند نخيل العراق.. وإن كان حُلماً
وكان العراقُ على مُهره عارياً
مثلما ولدته السماءُ
وكان على عتباتِ العراقُ الفضاءُ
وبين ضلوعي فضاءٌ.. به نجمةُ
لستُ أدري بماذا تُضَاءُ
وفي نجمتي تلك يجتمعُ الله والأنبياءُ
قف تمهل..وتأخرَ عنهم نبيٌ
سُئِلْتُ
فقلتُ: يُزَيِّتُ حَدَّ السِلاحِ
فإنّ نبيَّ الزمان الفداء
عروس السفائن صار العراقُ لطول المجافاةِ حُلْماً
ولكن به دجلة والفرات
كأن من الحلمِ يرشحُ عشقٌ وماءُ
يُسيءُ إلينا العراقُ.. وفي الحُبِّ حُلوٌ يساء
أيا وطني ضاقَ بيَّ الإناءُ
كأن الجمال بليل الجزيرة
سوف يطولُ عليها الحذاء
كأن الذي قتل المتنبي لشعري إبتداءُ
لأمرٍ يهاجر هذا الذي أسمه المتنبي
وتعشقهُ بالعذاب النساء
وما قدرٌ أنه في الجزيرة يوماً.. وفي مصر يوماً.. وفي الشام يوماً..
فأرضٌ مجزأةٌ.. والتجزؤ فيها جزاءُ
عروس السفائن
كُلٌّ على قَدَرِ الزيتِ فيهِ يُضَاءُ