Sunday, September 28, 2008

قصيدة بعـد حفـل عـيـد الاسـتـقلال - مظفر النواب




ويمكن الاستماع لقصيدة بعـد حفـل عـيـد الاسـتـقلال وتنزيل الملف الصوتي من هذا الرابط أيضاً


مظفر النواب

بعـد حفـل عـيـد الاسـتـقلال


الجـو سَـيمـطرُ
والـساحَة تَعْـبـقُ بالـصَّـمْت
وكـلـبٌ في الـزاويـة الـزرقـاء
هـناك يـبـولُ عـلى شـيء
وبقـايا خـُطـَبٍ وشـِعـارات
تـتطايـَر في الـريح
احـتـَفـَلـتْ جـمهـورية صَـمتـسْـتان
الـحُـرة بالاسـتـقلال الـوَطني
بـرغـم تـفـَشّي داء الكـَلب
ولأن الـجـوعَ كـما قـالـوا
في خـطـب الـيـوم تـفـشى
في كـلِّ جـهـات الـدنـيا
صَـدَرَ الـمـَرسـوم بـتأسـيـس
مُـديـرية نـَهـب الـشـَّـعْب
واســتـوردَ بـَعـضُ الـمَسـؤولين
- مـن الـخـارج طـبعاً -
أحـدثَ أجـهـزةٍ في تـفـريخ الـرشـوة
فـَرخـتِ الـرشـوةُ أكـثـر
مـِن كـُل دَجـاج الـكـون
وصَـار الـبعـضُ يـَبـيع الـرَّشـوةَ بالـفـرن
أو الـرشـوة بالـسـيخ
أو بـروســتـِد حـَسـَب الـجـيـْب
صحـفـي أجـرى اسـتفـتاء لـلـناس
وصَـوّرَ مَخـلـوقـاتٍ تـنـتظرُ الـزبـلَ
الـوطنيّ طـَوالَ الـيـومِ لاسـكـاتِ الـجـوع
تـعـَرّضَ لـلـتوبـيخِ مـِن الـهَـيـئاتِ الـدولـية
تحْـديـداً مِـن مَجـلـس أمـن الـسَّـلـب
فـالـمَـجـلس يـَعـمل أن تـتـفـَشى هـذي
الـحالـةُ في جـَمهـوريات الـصّـمت جـَمـيعاً
ويرانا لا نـصلـحُ إلا لـلـكـبّ
يا عـرب الـرّدة يكـفـي
وَصَـلَ الـذلُ إلـى.....!!
لـولا الأخَـوات لـقـلـتُ...

Saturday, September 13, 2008

قصيدة بحار البحارين - مظفر النواب









ويمكن الاستماع لقصيدة بحار البحارين وتنزيل الملف الصوتي من هذا الرابط أيضاً


ألفت انتباهكم إلى أن التسجيل الصوتي يشكل ما يقارب 80 % من القصيدة مكتوبة وأتمنى أن أتمكن من الحصول على تسجيل لباقي القصيدة


بحار البحارين

مقدمة: الحقيقة القصيدة التي ألقيها الآن طويلة، ربما سأحاول أن أنتقل أو أحذف بعض المقاطع، وهي آخر القصائد التي كتبتها في هذه الفترة، ما يجري هناك يصعب التحدث عنه، ما يجري هناك ليس بقضية سياسية فقط، وإنما قضية حضارية أساساً، لذلك التحدث عما يجري في لبنان، في فلسطين، ليس بسهل.
في رموز القصيدة تختلط الذات بالثورة بالمرأة بالشجرة، ذلك لأن النظرة السياسية بالنسبة لي تعني قضية حياتية عامة.



مَلـِكُ العُـمقِ ...
أَزورُ نجـومَ الـبحـرِ.. أُزوِّجُـهـا بنجـومِ الـلـيـل
أطيلُ لـدى مَـوضعِ أسْـرارِ الخَـلقِ زيـاراتـي..
وتـفـتّـَحَ قـَلـبي في الـماء بـكُـل المـِسْـكِ
وأرسَـلـتُ يـديّ إلـى الأعـشـابِ الـمَـسْـكـونـَة
فالـتصـَقَ الشَـبـَقُ الـوردي لـماءِ الـلـيـل علـيهـا
واخـتمـَرتْ لـغةٌ
وتنـفـسَ فيّ الأيـّل
ما أوقـحَ لـذتهُ
يَـبـْني بغـَزَالاتٍ أربعةٍ
يـَنـزعُ عـنهـنَّ ثـيـابَ ربـيعـيـْن
تعـبـتُ... تعـبـتُ... تعبتُ...
قـلـبيَ مُـبتـهجٌ تَعِـبٌ
يا مُـثـقـل بالـمُنـزَلـَقـات
ونـونُ الـنسـوةِ قـد وضعتْ
نقـطتها فـي ليلـكَ فـانـوسـاً
هـاكَ تـلألأ
وأعـد لـلـنُسـوة نـقـطتهـنَّ
تلألأتُ لهـذي الساعـة لـئلاءً حـسـناً
وحـروفُ العـشـقِ عـلى شـفـتي الـسفـلى نائـمةٌ
أخـذتـني الـموجةُ من ثـوب عُـقـوقي
مـَسحـتْ زهـرَ الـرمان وأبقـتـْهُ حـزيـناً
فـي الـماءِ الـبـاردِ خـاض الـطفـلُ بلا صَنـدلهِ
يا موجـة ... أركـضْ...أركـضْ
بيـن الـمُرجان وبين الحـزن
دخـلنـا مَـرحـلـة الأبـوابِ
اصْطـدمـتْ قـدمي بالـبابِ الأبنـوس مـصادفـة
فـطرقـتُ
مَـن الطارقُ؟
ليـس لـديـكَ جـوابُ
أنـتَ تـذوبُ بـصوتـكَ
تطـرق باباً أخـرى من ذات الـخشـبِ المَـدْلـوكِ
بـجـَذبٍ لا تـَعـرفُهُ
مـن أنـتَ..؟ تعلّـمْ أسـلـوبَ الطـَرْقِ وعـُدْ
تعلّـمْ مـن أنتَ
تـثاءَبَ حَـرفٌ لا أعـرفُ قـُدرتهُ
لـقّـحَ ناقـاتِ الـليـل
وراءاتُ أبي صخـر الـهُـذلي تـنام
صَرَفـتـْنيَ أمُّ الأبـواب
وما عـَرَفـتْ قـلبي فـعلاً
لا يـَتصرّف إطـلاقـاً
مـن أنـت...؟ وما قـصة رُوحِـك؟
مـاذا في الـدنـيا الـمَألـوفـَة والأيـام فـَقـَدتَّ؟
ومَـن جـئـتَ تـزورُ؟
أنا...أخـذتـني الـلعثـمةُ الحـُلـوةُ
قـلبيَ كالـعُـشـْبة قـُـدامَ الـمنـْجَـلِ
روحـيَ خائـفـةٌ خـَوفـاً مُـرتفـعاً
قـَدمي حُـزنُ الأسـفـارِ علـيـها لـيـس يـجـفُّ
وحـزبُ الـمخصيـيـنَ يـُطاردني
إبحـثْ يا مـن تـبحـثُ عـن بـابٍ أخـرى
يـورق في الـرفـْـض فـُضولي
وأحـكـَمتِ الأبـوابَ الآلـهةُ الـمسـئولـةُ عـنها
وضـَعـوا شـَـيئـاً خـَلـفَ الأبـوابِ كـذلـك
أرسـلتُ يـديَّ إلى الأعـشابِ الـمـسْـكونةِ
فالـتـَصَقَ الشبقُ الـورديُّ لـماءِ الـليـلِ عـليـها
إيـاكَ وأنـتَ قـليـلُ الـخِـبـرةِ
إن الـطَّرْقَ يـزيـدُ الـبابَ الـمجهـولةَ أبواباً
ومَـفـاتـيحـكَ مِـنْ لـُغةٍ تـُغـلـقُ ما تـَفـتحُهُ
وتصُـدُّ كـما الـمرأةِ عـنـدَ الـماءِ
لـمنْ لا يدخـل بيـنَ حـروفِ مـباهـِجـها
ونظنـكَ من أهـلِ الـحَـدسِ
فـَما تتهـَجى جـَسـَد الـمحـْبـوب
بـل اقـرأ قـاطـِبةً
تلـكَ بنفـسَجَةُ
تلـكَ كـما الـزبدِ الـليليّ تـذوبُ أنـوثـتـُهـا
فـيمن مَـدَّ يـديـه بـمعـرفـةٍ عَـرَفَ العـُمقَ
وزكـَّى الـهمـزةَ بالـبخـورِ ثـلاثاً
حـتى طـردَ الـسحـرَ وأطلـقَ عـُقـدتـَها
بيـنَ أصابـعهِ يـَنمو الـصُبحُ وكمّـونُ الـعـشـقِ
وتكـشفُ نـسـمةُ صُـبحٍ فـَخـذيـهـا
آهٍ...
وتـدوسُ عـلى ريـحانةِ روحـِكَ
آهٍ...آهٍ...لـلوجعِ الـطـيبِ
يا نسـمةُ.. يـا بالغـةَ الـعـفةِ
مِـن أينَ دفعـتِ الـبابَ عـَلى العـاشـقِ
فـالـقـَمـرةُ نائـمةٌ والـعاشـقُ أثـملـهُ الـتفكـيرُ الـخاسِرُ
والـنجـْمةُ تـسـتأذنُ أن تدخـلَ بعـدَ هـَزيعيـْن اثـنـَينِ
فـَما أذِنَ الـبحَّـارُ الـعاشـقُ
فـالـنجـمةُ تحـْملُ فـاكـهَةً
قـالَ الـمُعتـكـفُ الـبحارُ
أنا ما ذقـتُ سـِوى طـَرفِ الـنهـدِ
وصُمـتُ عـن الـمُشـْتهـيات
رَضـعـت الـعَـنـْبر مـِن صَـدْر الـعشـقِ
وأمسـَكـتُ بحَـلـمَتها الـورديةِ في الـليـلِ أؤنـبُـها
امـتلأت كـَفـّاي رَحـيـقَ الـفــُسْـتـقِ
واشــتعـَل الخـُـنـْصُـر
بيـن الـوَرْد وبيـن الـلَّحـن
وبيـن الـلَّحـن وبيـن الـوَرد
احـتـرقَ الـخـُنصـرُ
أَعْـطى ضَـوْءاً عـَربـياً
لــيـسَ لإصـبـعـي الـوسـْـطى فـي الـليـلِ أمـانٌ
وأديـرُ عـلى هـذي الإصـبعِ حـكّام الـردة قـاطِـبةً
سـوفَ أحـَدثـكـُم في الفـَصل الـثـالـثِ عـَن أحـْكام الهـمـزَة
في الـفـَصل الـرابع عـَن حكّام الـردّةِ
أمـا الآن فـَحـانـات الـعالـَمِ فـاتـِرَةٌ
مَلـلٌ يُـشـْبه عـِلكـةَ بـَغي لـَصـقـَته الأيام بـقـَلـبي
يـا ابنَ ذريـحٍ
هـذي الـحانـةُ بـاردةٌ
أوقـِدْ صَـوتـكَ
يرحَـلُ بعـض الإثـم مِـن الـحانـةِ
يـا ابـنَ ذريـحٍ
هـاتِ نـَغـَماً
هـاتِ لـنا بـَعـضَ الـمُـشـْتهـيـات مـنَ الـصـوتِ الـسـابعِ
قـلْ نغـَماً عـُصفـُوراً
قـُلْ نغـَماً سـُرّة أنـثى
قـلْ نغـَماً طـَرقـَة بابٍ مجـهـولٍ
مـن أنـتَ ...؟
نصحـنا أذنـَك أن تـسـْمَعَ
تـلـكَ الأشـْياء المألـوفـَةَ في الـدُنـيا
آلـهـةَ الـمجـْهـُول
أتـيـتُ بآخـِرِ أشـْكـال الـهـمّ
وروحي لََونٌ مكـتـَئبٌ
طـَوقـتُ عـَليه بـزُنار مـراهـِقَة
مـَن يـَطـرقُ ثانـيـة؟
حـَذرناك... فـماذا تـَطـلبُ؟
جـازفـتَ عـلى كلـكٍ لا يـعـبر سـاقـيةً
قـيل تسـفـِّه كـلَّ الـصُلـبان وكـلَّ الأصـنام
رفـَعتَ كـؤوس الـكـفـرِ عـلـيهـا
يـأخـذكَ الـزهـو
وتـرفـعُ إبـريـقَ الـخـمرة في الـهمِّ شـراعاً
كـيـف تـجـرأتَ تـدّقُ عـليـنا في الـليل
فإن الـلذاتِ تـنام وراء الـبابِ بدون ملابـسِـها
ويـسـيل لعابـكَ...
كيف الـلذاتُ تكـون بـدون ملابسـها؟
تـلـتاسُ ... وتـنطق أشـياء مـبهـمةً
وتحـاول أن تخـرج من تـأتـأةٍ في جـِسـمكَ
تعـرقُ جـُدران هـمومـِك
يـَعـرق إظـفـر إبـهامـِك بالـمنـدلِ
توقـدُ عـود الـسُمّاق لـدى فخـذي أنـثى
أسـأم حـُسْن الـلّه عـليها
واجـتمع الـتلقـيحُ فـأعطى إنـشاءً ذهـَبـياً
أوقـَدتَ فـجُـنّ الـحشـَراتُ
وهـاجَ الـموج وقـامَ الـزبد الـفاشـلُ
واضطـربَ الـبيـضُ الفـاسـد
يـا صـاحـِب هـذا الكلـكِ الـمـُتعـبِ
أنـتَ تـسـميه سـفـينة عـشـقٍ
أنّى أوقـدتَ
سَـيفـْقـسُ هـذا الـبيـضُ الفاسـدُ أوسـاخاً مـُقـذعةً
ألـديكَ فـوانـيسٌ ؟
زيـتٌ ما لمسته يـدان؟
روحٌ تـبصِر في الـزمـَن الفـاسـدِ؟
أوقـدَ بحـارُ الـبحـاريـن قـناديـل سـفـينـتهِ
أبقـاهـا خافـتةً
بحـار البحاريـن
ومـن جـَمعَ الـلؤلـؤَ والأضـواءَ وأصـواتِ الـبـحر
بـخـيطٍ لحـبيـبته أبـقـاها خافـتةً
تملـك أحـلى الـهَـمزاتِ حـبيـبتهُ
تملـكُُ أحـلى مـيمٍ أعـرفـُها
ولها جـَسـد مزجَـتهُ الآلـهـةُ الـمَوكولة بالـمَـزج
بكـلِّ عـُطـور الخـَلـقِ
فـمارسَ عـشـقَ الـذات وأربـأ
بالـحـُسْـنِ عـليـها.. ارتـبكتْ
أعـرفُ بحـَّار الـبحـاريـن
ومـَن سـأحـَدثكم عـَن سـيرَته
كان يـُقـاوم أوسـاخـاً مُـمتعـَة
يـسـتمـتع حـَين يـُقـاومها
عـَيناه تألـقـَتا كالـجـَمْر مـِن الـحـُمى
بعـثَ الحـُمى بغلاف مـِن ورق العـشـْق لـبَيتِ حـَبيـبتهِ
وبـيـْتُ حـبيـبـَته في الـشـامِ يقـالُ
قـُربَ الـجـسْر الخـَشَـبي
وبيـتِ عَـلي بن الجـهـْمِ يـُقـالُ
بـرام اللّه يـُقـالُ
قـيل ببابش الـخـَلقِ
وقـيلَ بـتَرْهـونَة أيـضاً
مـَن أنـتَ..؟
وفي هـَذا الـوقـْتِ الـمشـْبوه تـَزورُ؟
أطـرق بحـار البحـارين
وخبأ في الصَّدفِ الـحي حكـايـَته
فـالعُـثّـة في بلـدِ العـسـكرِ
تفـقـِسُ بيـنَ الإنـسـانِ وثـوبِ الـنَومِ وزوجـَتِه
وتقررُ صنـْفَ المـَولودِ
وأيـنَ سـَيكوي ختـمُ الـسـلطـانِ عـلى إلـيـَتهِ
فـَإذا آمـَنَ بـالحـزبِ الـحاكِمِ
فـالـجَـنةُ مـَأواه
وويـْلٌ لـِلمارقِ
فـالأنـظـمةُ الـعـَربية تـشـْنقهُ قـُدام الـفـِنجةِ قـَاطـِبةً
تبقـيهِ لـسـاعـاتٍ
ثـَمةَ تـنسـيقٌ سـِري بـَين فـَنادقـِنا
أحـَدٌ مـِنكم لاحَظ أن الصمـْتَ تـكـاثـرَ والجـرذانَ
وسـَيارات الـشـُرطة تحـَبلُ في الـطـرقـاتِ
بـِشـَكـلٍ لاشـَرعي وسـِخ
هـذا الطقـسُ دنيءٌ جـداً
ولذلـكَ خَـبأ في الـصَدَف الحَي حِـكـايـَته
وأقـام عـلى دولابِ سـفـينـتهِ
عـَيناهُ من الحمى والـحـُزن
تألـقـتا نجـْمـين كئـيـبـَينِ
أرستل تلـكَ الـحـُمى بغـلافِ
مـِن وَرَقِ الحزن لـبيـتِ حـبيـبـَتهِ
جـلسـتْ تغـسـلُ لـلـحـُمى
جـَدلـتْ بالـوَرد وبالـزيـْت الـباردِ
والـنعـناعِ جـديـلـتـَها
سـَمعَ الـجـيـرانُ بكـاءَ الـحـُمَّى في
الـلـيلِ الأول مـِن شـٍٍَعـبان
قـالـوا نغـلـقُ هـَذا الـشـباكَ
ونخـلـصُ مـنْ وجـِعِ الـقـلبِ
لقـَدْ شعـَّفَ كل بـَناتِ الـحيِّ
وكـوَّن مـِن حَـبات الـدَمعِ فـَراشـَات عـَمـياء
وقـُمنَ إلى الـشـُباك مـِنَ الـنـوم وأغـلـقـْنه
ونـون الـنـسـْوةِ ما نامـَتْ أبـَداً
نـُقـطةُ نـونِ الـنسـْوةِ مِـما تـَذرفُ دمـْعاً مُـسـِحَتْ
وأتى الـنـونُ هـِلالاً فـَوقَ الـمَركبِ
كانـتْ ريحٌ قـاصمةٌ
والـمَرقـبُ يـُنـبىء أن الـلـجَّة
سـوفَ تقـومُ عـلى آخـِرهـا
وعَـلى الـدفة كان مَهـيـضاً
في تلـكَ الـليلةِ مِن شـَعـْبانَ
يُقـاومُ أحلاماً سـاطعـةً...يـُغلـِقُ عـَيـنـَيهِ
وأبـوابَ الـروحِ لـشـِدتها
وتـسـاءلَ أيـْن الأرض
وأرسـلَ قـامتهُ الغـَجـَرية بـينَ نـُجـُوم الـلـيْل
وكانَ الـوَشـْم عـَلى رسـْغـَيه يكـَمـِّل عـَقـْد الـنجـْم
تـَطاول أيـْضاً
أيـْنَ تـُريـد؟
فـعـنقـكَ تـَمتـَد بأكـْثـرَ مـِمَّا قـَسـَمَ الله لـها
قـال كـذلـكَ قـَد خـُلقـَتْ
هـَذا منطـِقُ صـُوفي
أيـنَ تـصـوفـْتَ وجـِسـْمـُكَ يَـنضـَحُ لـَذاتٍ خـُضـرٍ؟
تـَسكـتُ
كـيـفَ تخـمـَّرتَ وأنـتَ مـِن الـطـيـنِ الـفـَجِّ
وتعـشـَقُ طـلعَ الـصُّبـحِ
ولا يـُؤنسـك الـليل بلا جـَسـَد
تـترُكه في الـصُبح
تـلوحُ الأغـصانُ عـَليه وبالـضِّـديـْن يـُضيء
تقـُولُ: دَخَـلتُ حـُدوثَ الضـَوْءِ
في الـعام الأولِ كان الـضـَّوءُ الـمألـوفُ
وبعـدُ ..وبعـدُ !
فـي الـعام الـثالـثِ كان الـضوء الـمسْـتور
وبعـدُ...!
وجاء ظـلام أطفـأ كل قـناديـلي حـتى الـمَوروثة
إذ ذاك تـَلـمسـْتُ طـريقي
عـَثـرتْ قـَدماي بمَـنْ عـَلـمَني
صارَ هـو العـَثـْرةُ
ضَـيعْـتُ مـنَ الـعـُمر طويـلاً كي أنهـِضَهُ عَـبـثاً
فـالجـُثةُ كانـَتْ تـتفـسخُ مـِن أيـنَ أرَدتُ أسَـنـِّدهـا
أعَـثـَرتَ بمـَن عـلـمك أل...؟
أسـَفـاهُ نعـَم
كـيـف؟
كـذلـك ... قـال كـذلـك
هـذا طـَبعُ الأشـْياء
وعـنـدَ الأصـْوات الـخـَارقـَة الإيـقـاعِ يـَشـُذُّ
أوحَـشَـني الـدربُ
وأصبحَ صـدريَ مدخـنـةً في مـَطـر
لا يـُنـْبئ عـن صـَحو
غـَرقـَتْ روحي إلا عـُقـدة عـِشـْقٍ
آنَ إذٍ والـمركبُ يوشـك أن يقـطع رحلـتهُ
أبـرَقَ حـَرفٌ مـن تحـت الـباب مَهـيباً
وأطـلَّ الـرأسُ مـن القـَمرة حـول العيـنيـن
من الـصرف ونـَحـْوِ الكـوفـة أشـكالاً
لا الخـط الثـلـث له هـذا الحـسن له
لا الكوفي ولا الـرُقـْعة أيضاً
ورأيـتُ ثـيابَ العـِشـق تضـيقُ عـلى جـَسَـدي
فـتوضأتُ بـماء الـخـَلـق
أخـَذتُ بهـذي القـيثارةِ
دوزنـتُ عـُقـوداً أربـعة
وشـَددتُ عـلى وجـع المفـتاح الخامـس والـسابع
فاعـْترضَ الـنحـْو الـبصْري عـلي
كـذاك اعـترضَ الـنحـْو الـكوفي
وأجـلـسَ مـن لا أعـرفـُه يعـرفُ نـحـْواً في الـشام
دع الـريح تـُهـَدْهـِدُكَ الهـَدْهـَدةَ الأهـْدأ
نـَذْركَ كـان كـثير الـشـَمع الأحـمـر والآس
ومـَرتْ كـل شـموعـِك مـن تحـْتِ الجـسـْر
وأبعـَدتَّ كـثيـراً في البحـر
فأيـنَ الـبَصْـرة؟
آه صحـيحٌ..أين الـبَصْرة؟
الـبَصْرة بالـنـِّياتِ
لقـدْ خـَلـُصَتْ نـياتي حـتى
وتسـلـقَ في الـليل عـَمى الألـوانِ عـَليهـا
أيـنَ الـبَصْرة؟
مشـتاق بوْصَلـتي تـَزْعـَمُ عـِدةَ بـصـْرات
منـذُ شـُهـورٍ قـَلبي لا يفـْرحُ إلا بـين الـنخـْل
أتسـير ببوصَلة؟
حيـن يـكون لذلـكَ فـائـدة
ما دخـت؟
إذا كـنتُ بلا أمـلٍ
يا صاحـبَ هـَذا الكـَلـَكِ الـمتعب
أنـتَ تسـَميه الـمَركـِبَ
لا بأس عـَليكَ تفاءلْ ما شـئت
أطـلـقْ ما تـَرتـاحُ مـنَ الأسـْماء عـَلـيه
وصِيـفٌ وبـَغى مـُتفـقان عـلى نـفـْط الـبصْرة
والـمُتوكل مـشغولٌ عـن ذاك
بشـامـَةِ حـُسْنٍ في خـِصْيـَته
فـَدع الريحَ تهـَدهـِد هـذا الـمَركب شـَيئاً
واسـْترخ فـما تلـك نهـاية هـذا العالـَم
مـُدَّ ذراعَـكَ
فالشـمـْسُ تـُريح الـجـَسَـدَ المكـْدود
تـمـُدُّ مـُرونـَتها فـيهِ
فـَيصـْبح كالـسـَّعـْفة
والـفـُقـَراءُ المخـْلـوقـونَ من الخـِرَقِ
الـلـيلي وخـَوْفِ الـمـُتـَوكل
بالـسـَّعـْف احـتشـَدوا
مـَلـئـوا بابَ الـبصرة بالـسُـلِّ
وقـد أطفـَأ بـردُ الـلـيل قـنـاديل حـماسـَتهم
كان الـسـَّياب مع الأطـفـال يُحـرك سـَعفـَته
انـتـَظروكَ طـَويـلاً
أرهِـمْ أن السـعفـة تـَنـْفعُ
لا بـأس بجـرعة خـَمـرِ
تخـضـرُّ لـها عـينـاك وتـذَّكـَّر
ها أنـتَ مـصـابـيحـُك تـرتعـش
الرعـشـات الـحـُلوة لـلـسـُّكـْر
وتأخـُذُ كامـِلَ قـُوتـِها
مـاذا سـَتخـَبـِّرُنا؟
أرقـُصُ قـَبلَ الـبـَدْء
أريكـم فـَرَحي
هـا إنـّي أرقـُصُ...أضحـَكُ
هـا إنـّي َ.... إنـّيَ
ثـُمَّ يـصـيرُ الـرقـْصُ وقـوراً
قـاومـْتُ جـَمـيعَ الأطـراف
بهـذي الـسعـفة حـتى بـَريَتْ
رفـعـتُ عـَليها الـرايةَ يا صـِبـية
بـين السـُّفـن المخـصِـيةِ
تَحـمُل سـفـوديـن عـظيـمين
ويـفـتح أحـفاد الـبصرة كـُواة الـنورِ عـليك
فـما أجـمل هـذي الأعـْين يا رَبُّ
وعِـقـدان مِن الـقـَهر وأنـْتَ بهـَذا الـبحـْر
أما أكل الـضَّجـَر المالـحُ جـنبـيكَ؟
تمسـَّكـتُ بهـذي السـعـفة
مـن كان لـه سـعفـته في الـليل سـينجـو
اعـتصموا بالـسـعفِ جـمـيعاً
والوحـشـَة يا قـبـطان أجـِبْنا
كـيف قـدرتَ على الـوحـشـَة؟
تـَزْوي عـينـيك قـليلاً
أوقـدتُّ بها عـِشـقَ الـناسِ
وداويـْتُ ظلامي
يا سـيـد في الـبحر العاصـِفِ
هـل أحـبـبتَ كـذلـك
أكـثر مـما في الأرض
وفي الـيوم الـهادئ
تملـكُ أحـلى الهـمـزات
وأحـلى مـيـمٍ أعـْرفـُها
أنـْصتَ أولاد الـوسـخ الـمتـروك إلـيك
فـأنـت تـُعـلـمُ مثـل نـبي
فـإذا أنـت أتـيـت الـبصرة
أنـكـرك الـحـسن الـبصري
فـآه مـما يتقـَلبُ هـَذا الحـسـَنُ الـبصري
وآه مـما كـشـَفـوا فـَخـذيـك وكانا مـبـتهجـين
كـثـور يتفـرغ لـلإتـيان بحـزب الـسُـلـطة
حـتى شـهـقَ الخـلـقُ وزاغَ الـبصرُ
قـيل معـاذ الله فـما هـذا بـشـر
هـذا مـارَسَ كـلَّ فــسـوق
العـالم بالـسُّـلطة قـدامَ الـجـمهـور
وألـَّبَ حـتى الـدرجات الـمنحـطة جـداً
مـولانـا كـان يـُعلـِّم خـارج مـا عـَلـمَهُ الـكُـهان
وسـفـَّه كُـل مـعـابـدنا
يـا حـضـرة حـاكـمـنا
مـشـتـبه يـَعـشـقُ جـسـرَ الكَـرخ الخَـشَـبي
ولا يعـشَـقُ جـســرَ الـدانـوبِ كـذلـك
وارتـفـعـتْ شـهقـاتٌ مـن غـربِ وشـرقِ الـمجـلـسِ مـنـكـرةً
يَـرتـَكـبُ الـكـُفـر الأمَـمي
يُـخَـوزقُ أعـرافَ الـطـبقـات الـمَـرمـوقـَة
يَـرفعُ خِـصيـةَ ثـَورٍ
يَـهـزأ قُـدام سُـطـور الـسـَّادةِ
والـحـرمِ الجـمهـوري
ويَـشـتـُم تـَكـْيتـنا
قـالوا يـُقـتـلُ .. يـُنـفى
يـُقـتـل؟ لا تـكـفـي هـذه
لا بـد يـُشـوه بعـد الـقـَتـل ثـَلاثـة مَـرات
آهٍ ... صـرخَ الـوزراءُ الـفـأريـونَ
يـدوسُ عـلى ذيـلِ وزيرِ الـنـفـطِ
يُـقـالُ...وزيـرُ الـنفـط لـه ذيل
يـُخـفـيـه بكـيـسٍ أمْـريـكي
ويـصـوتُ ضـدَّ الإرهـاب بـه
مـولانـا...
يَـزعـم أن شـيوخَ أبـو طـبي
والـبَحـريـن ورأسِ الـخـيـمةِ
يـُخـفـونَ ذيـولاً أرفـَعَ مـِن ذَيـلِ الـفـَأرِ
وحـيـنَ يـَخـرونَ سُـجـُوداً لـلـشـاهِ
تـَبـيـنُ قـَلـيلاً مـِن تحـتِ عـَباءتـِهـم
ويُـبـشـرُ بـالـخـازوق
أُخَـوزِقـُكـُمْ
يـا ديـدان أخَـوزقـُكـمْ
اسْـمـَعْ يـا والـي الـبصرةِ
قـال لـنـا يـا ديـدان
وقـال يـُخَـوزِقـُنا
خَـوزقْ .. خَـوزقْ...
صَـرخَ الـمَـصـنوعـون مـن الـجـوعِ
وقـامَ الـخـازوقُ الـباسـلُ
خَـوزقْ .. خـَوزقْ...
هـَاتـوا الملـكَ الـسِّـفـلِسَ
هـذا مَلـك يـَسْـتأنـِسُ بـالـخازوق
وذلـكَ حـزبٌ يَـتخـَوزقُ مُـختـاراً
لا إكـراهَ ولا بـطـيخَ
بـمحـضِ إرادتـِه
يـا سـيدُ .. فـاحـملْ سَـعفـَتـك الآن نـبياً
حـَركْ بـَيتَ العـَقـربِ تـَخـرجُ مُكـرهَـة
يـا حـاكـمـنا
صـاحَـتْ طَائـفـةُ الـخـُلـقـِـيـين
يـُوشـِّي الجـُمـلَ الـرَبانـيةَ فـي الـشِّـعـرِ بـِمُفـرَدَة
يـَخجَـل منـهـا الـمُـعـجَـم
مـاذا أعـمـل؟
إنَّ أشَـدَّ بـَذاءاتِ الـعـَالمِ يـَزدادُ تألـقـُها فـَوقَ لـِحاكـُم
وأضـافَ قـميءٌ عَـفـِن كـان يـُوصْـوصُ بـينَ الـقـَوم
وكـنـتَ تـُفـَرغُ شـُحـنتـَنا الـثـورية
يـا ابـنَ الـشـُّحـَن الـسـَّلـبية
بـَطاريـةُ حـزبـك فـارغـَةٌ مـاذا أعـمـل؟؟
والـتـَفـَتَ الآخـرُ لـَفـْتةَ مَـن فـاجـَأهُ الـحـيـضُ وقـالَ
تـفاهـمتَ معَ الـسـلـطةِ تـَشـتـُمها وتـُورطـُنا
إرْبـَأ أن تـَسـمـَعَ ... واسـتـَعـِذ الله
فـَمهـما قـيـلَ فـأنـتَ تـُعلـمُ مـِثـلَ نـَبي
سَـلمـَكَ الـمِفـتاحَ عـلى الـذمَّة بَحـارُ الـبَحـاريـن
وأعْـطـاكَ الـسَّـعـفَةَ
أعْـطـاكَ طَـريـقَ الـتـَّبانـَةِ
أعْـطـاكَ بـأنْ تـُصبـِحَ طِـفـلاً عـِـنـدَ الـحاجَـة لـِلـعـِبِ
وسَـيـفـاً حـيـنَ يـَجـِدُّ الـجَـدُّ
فـأيُّ الأشـيـاءِ رأيـت؟
وأيُّ الأشـيـاءِ تـرى؟
لـَسـتُ أرى غـيـرَ الـدفـةِ
هَـذا سَـفـَهٌ بـَحـري
إن مَـعـارفـكَ الآن لـَغـامـضةٌ جـداً
وحِـجـابُ الـجـُملةِ أعـْمـاك
ولـكن.. أيـنَ الـبَصْرة يـا مـولاي ؟
ومـا شـَـأنيَ بالـبحـرِ
إذا لا يـوصلـني الـبحـرُ إلـى الـبصرة
لا يـوصلـك الـبحـرُ إلـى الـبصرة
بـلْ يـوصلـُني
لا يـوصِلـك الـبحـرُ إلـى الـبَصْرة
بَـل يـوصِلـني الـبحـرُ إلـى الـبصرة
قـلـنا لا يُـوصلـكَ الـبَحـرُ إلـى الـبَصْرة
أحـمـلُ كـل الـبَحـْر
وأوصـلُ نفـسـي أو تـأتـي الـبصْرة
إنْ شـاءَ الله بـِحـكـْم الـعـِشـقِ وأوصلـها
فـإذا أخـركَ الـطـقـسُ فـَمـاذا بـعـد؟
طـَيـرَ الـوَعـد
تـعـالَ وصَـيحـَتـكَ الـمَـمْـزوجـَةَ بالـفـَجـْر
يـا نـبأ عـَن بـَحـار الـبحاريـن
ومـا صَـنعـتْ عـاصفـة الـجَـزر بـه فـي الـليـل
هـل ارتـابَ القـلـبُ الـمُدمـن؟
أم كـانَ بـه مـا يكـفـيهِ مِـن الـزادِ وعِـلـم الـبحـرِ
وهـَلْ نـسـيَ الـفـردوس الـمفـقـود
وعتاثـت عـَاصـفـةَ الإفـكِ بـأمـجـادِ طـفـولـته
أعـرفُ بـحـارَ الـبحاريـن
وهــيـهـاتَ يـفـارقُ صـدرَ سـفـينـته الـحربـية
رطـشَـهُ الـزَمـَنُ الـسـيءُ بـالـمـلحِ وزيـتِ أصـابـِعـِه
صَـارَ هـو الـلونُ الـمَألـوفُ
لـقـدْ زَعـَمـَتْ سُـفـُـنُ الأقـزامِ تـُرافـِقـُه
وانـكـفـأتْ حـيـنَ رأتـْه عـلى الـمَـوجـة
مـُحـتـفـلاً بـالـغَـضبِ الـكـَوني
ويَـسْـتـلـمُ الـبَـرقَ مِـن الله
وأرقـامَ جـمـيع الـهزات الأرضـية والـرَّعـد
كـان يَلـمُّ الأخـلـصَ مـِن بـحـارة تلـك الأيـامِ
ومَـن فـي الـجـزر وفـي الـجـزر الأقـصـى
قـرأوا الـسَّـنـوات الـمطـلـوبَـة لـلـمَـد
بـَحـار الـبَحـاريـن بـلا حـَد
والـسُّـفـنُ الإيـجَـار لـهـا حـَد
قـالَ وبَـينَ حَـواجِـبه نقـطـةُ حـِبر عَـالـمَـةٌ بـالأنـواءِ
كِـتـابُ الـبَحـْر كـِتـابٌ يـَتغـيـَّر يَـا أحـبـاب سَـفـيـنـتـنا
والـنـوتي الـفـائـقُ مَـن يَـتـنـبأ قـَبـل الـتـغـيـير
وأخـطـاءُ الـنـوتي الـفـائـقِ تـَعـني
أن الـنجـمَ الـقـطـبيَّ يـُغـيـرُ مـَوقـِعـَه
ورثَ الـنـوتـيـة هـذا الـعـِلـم الـمُـتـطامِـنَ جَـداً عـَن جَـدّ
ضَـربَـتْ إحـدى الـمَـوجَـات الـدّفـة
واضـطَـربَ الـمـيـزانُ قـلـيلاً
حـَدّق بـين الـحلـمِ وبـين الـيقـظة
هـذا لـيـلٌ قـَدَري
والـخـَشـَبُ الـمُـتـآكـلُ ضَـرَّسَ أنـيـابَ الأمْـواج
فـألـقـوا الـمِـرسـاةَ فـإنـي آنـسُ نـاراً
وأشـار بـإصـبـعـهِ الـمـتـضخـم
لـلـضـوء الـبـاهـت فـي آخـرة الأفـق
كـأن هـنالـك مـيـناء يـكـمنُ خـلـفَ الـكـون
وكانـت فـي الـمَـركـب ريـح الأصْـقـاعِ الـثـلـجـيةِ
تـَمـسـَحُ وجـهَ الـنـوتـيـة إلا مَـنْ آمَـن
رَبَّ الـنـوتـيـةِ
قـال الـواقِـفُ فـَوقَ الـمَـرقـَب
والـمـطـرُ الأبـيـضُ يـَغـسـلُ بـالـطـهـْرِ نـُبـوءَتـَه
رب الـنوتـيـة واحـمـلْ مـِصـبـاحـَك بـالـعـَشـْرة أرْواحٍ
إن طـَريـقَ الـمـيـنـاء مـُخـيـف
وطـريـقُ الـمـرأَبِ جِـدُّ خـَطـيـرٍ مُـنـْتـَصَـفَ الـلـيـل
وتـَكـثـُرُ فـيـه الأوجـارُ
ونـبـهَ بـحـارٌ أزمَـنَ فـيـه الـبـَحـر
وقـد نـبـَتـتْ مـُنـذُ زمـانِ الـردة
آثـار الـتعـذيـبِ عـلى فـَخـذيـه
خـُذْ سِـكـيـنـَكَ
لا نـأمـنُ هـذا الـسـَّاحـِل
وانـظـر أشـجـارَ دَم الأخـَويـن تـُخـبـرُ أخـْبـاراً فـاجـِعـَةً
فـَالظـلـمَـة فـاحـِشَـةٌ ولـقـد يـَنـقـلـبُ الـلـيـلُ بـرغـْم إرادتـنـا
ويـَهـوذا يـَكـمـُنُ فـي بَعـضِ الـنـاس بـِرغمِ دلالات الخـيـر
نعيـذك يا سـيـد مـركـبـنا
تـجـار الأخـلاق كـثـيـرون فـعجـل
نـزل الـسـيـد
غـاب وراء الـطـرقـات الـمشـبـوهـة يـبحـث عـن درب الـمـرأة
ذلـك لا بـدّ
فـي تلـك الـلـحظـات تـدفـقـت الأشـيـاء
ونـزدم الأخوين وعـلم ثوب النازل في الطرقات المشبوهة
مضطرا
أحد يقتل في هذي الليلة
أو احد ينفي في هذي الليلة
محتمل أن يحصل تغير ما كنا نتوقعه
وحسبنا كل حساب
إلا ان يكون الميناء هو القاتل
إلا ان يصعد هذا الميناء إلى المركب
يغري بعض البحارة ان يلقوا المرساة نهائيا
إلا ان يصبح بعض البحارة مما كنا نأمنهم مشتركين
اطفيء فانوس الخبرة
لا النجوم ولا القمر المعهود أضاء
فالزمر المنحطون تلاقى
تتوزع .. وتنقض وتخرج ثوبك
قلبك كان يحس برودة خنجرها
تلك مؤامرة كشفت
واسر أمين البحارة كانت نارا خادعة
ان كتاب البحر كتاب يتغير يا أحباب سفينتنا
اخرج أوراقا باهتة أكل الدهر عليها
وتفحص خارطتين معتقتين فضيعتاه
قال إله الليل تظنون ظنونا خاطئة
سفن الثورة تسطع مبحرة
فإذا وقفت يمتد إليها الميناء
أجاب السيد يا رب هو الماء
لقد دخل الماء سفينتنا
سفن المخلص لا تغرق بالماء
يقول الرب بل القلب إذا ارتاب بقدرته
والروح إذا تعبت
أرسل بحار البحارين فراسته
عجم البحر
قلب قرآن الله وإنجيل الله ورأس المال طويلا
فرأى الدب الأبيض والدب الأشقر والثعبان
وبعض البحارة متفقين على اللعب بلحيته
اقسم بالشعب وبالأيام الصعبة قاطبة
ليقاتلهم حتى يصل المركب ثانية
أو يهلك منتصرا
أبلى في الليل بلاء حسنا
قاوم عقدين وبضعة أيام موحشة
وأحس دوارا منذ شهور ينزف
والعمر تقدم بالمبحر
واختلط البر ...البحر... الغيم ... النجم ... الأم ... الليل
وألقى المتفقون القبض على قبضته
وأزبد من أزبد
أرعد من أرعد
واستحملت السلطة أنك سوف تطيع
واحضر في الليل صليبا ورفعت عليه
فما أحلاك أضفت إلى السكة فانوسا
اعرف أنك تبكي منفردا
أين البصرة يا رب...؟
صرخت ... أما وصلت؟
وسمعت ضجيجا وسخا طيلة تلك الليلة
كنت تعاني الموت
وكانوا يحتفلون
وقد سلبوا المركب والبوصلة الدرية
واعتقلوا البحارة
جاءوك صباحا بالصفقة ثانية
ثانية أنت من التعذيب بصقت عليهم
آذوك طويلا
منعوك ترى جسر الكرخ الخشبي
فما أتفههم
انزل في ظلمة قبو لا تأمن فيه العقرب صاحبها
أنعش بالمسك وقيل
نريد بك الخير فما لك لا تأمن
خذ ما شئت من الميناء
أعرنا المركب والبوصلة الدرية
نوصل أموال أبي العباس السفاح
فان أمير البصرة منتظر والجامعة العربية منتظرون
معاذ الله يكون الخصية في المركب
جميل يا سيد
يا سيف النظرات
جميل أنت .. بهي أنت ... عظيم أنت
وحين وقفت على الأرض بكل ثبات
وجميل أنت .. جميل حين بصقت على الصفقة
واستحليت ثباتك فازددت ثباتا .. ثبتك الله
منعوا صوتك ما أتفههم
زعموا أنك مجنون ... معتوه .. صوفي وشيوعي
كيف جميعا
ما أتفههم... ما أتفههم
حملوا الميناء وبيت المال ورايتك الحمراء
ودست الباذنجان كذلك
فكيف جميعا
قال الجرد ذو الشيب المصبوغ لإخفاء الصفقة
تبقى جسدا للبوم وللغربان ونبحر دونك
فاقبل قبل فوات الفرصة صفقتنا
شارك في الحل السلمي قليلا
أولاد القحبة كيف قليل
نصف لواط يعني
امتعضت روحك
كنت كمن يجبر أن يأكل فأرا
هاج البحر وكشرت الأهوال
وكادت ريح قادرة ان تقلب كل مفاهيم البحر
وصار الدولاب يدور عليهم
والدفة توشك ان تقلب من يمسك عصمتها
ارتبكوا وأحاق المكر بهم وأسروا
ألقوا المرساة نساوم هذا القذر المفزع ثانية
جهلوا مولاي مزاج البحر
وأما البوصلة الدرية فانطفأت ضاحكة
وقفوا بين يديك
وكان العرق القطري يوسخهم
قالوا بالوحدة
لكن زادوا القطرية ذيلا قبليا
ورأيت الزبد الأبيض يذبل فوق كواهلهم
. صعب الأمر عليك
تشوقت الى الوقفة فوق الدفة منفردا وحدك
يعلو الدولاب لعزم يديك
ووحدك تبحر في الليل وليس لديك صليب أو صنم
رايتك السعفة
والموج يقبل جأشك
فاقتربوا من قدميك وصاحوا والريح تغالبهم
بحار البحاران
لك الثلث من المركب
إن أوصلت حمولتنا
ويقول المالك
يبقيك ومن شئت من النوتي في خدمته أبدا
وتفردت بهم
أولاد الإفك يبيعونك نصف سفينة عمرك
ثم يمنون عليك بان تخدم سيدهم
ابصق ثانية
هذا والله مكان البصقة.. فابصق ..تبكي غضبا
يلعن كل مباغي البصرة في العصر الجمهوري الجائر
قد منعوك ترى جسر الكرخ الخشبي
وهذي السنوات التسع قد صهرتك من الحزن
وقالوا صوتك يخدش أخلاق الجمهورية
خافاك الله بقاؤك محض بقائك يفضحهم
ما ظل سوى حبل يتحلق حول خناقك
والقلب وراء ضباب البحر
يدخل كل الليل علمة عشق ووجود
فإذا احتد عليه الشوق سيشتعل
ولقد يفتك بالبحار أريج مبالغ
وأوار الحمى ينكث روحك . والريح
ومال المركب للهوة بعد الهوة
يا سيد فانشر روحك في الخشب الخائف
إن مزاج الكون سيعتدل