Monday, March 31, 2008

قصيدة باللون الرمادي - مظفر النواب









ويمكن الاستماع لقصيدة باللون الرمادي وتنزيل الملف الصوتي من هذا الرابط أيضاً




قصيدة باللون الرمادي

الشاعر مظفر النواب


"ودمشقُ تغيرت , و قلنا الهجرةُ وطنٌ و الحقيبةُ أفضلُ المساكنْ."

دمشقُ عُدْتُ بِلا حُزني ولا فرحي يقودني شبحٌ مُضْنى إلى شبحِ

ضيعتُ مِنكِ طريقا كنتُ أعرِفُهُ سكرانَ مُغَمَضًّةً عيني من الطَفَحِ

أصابحُ الليلَ مصلوباً على جسدٍ لم أدْرِ أيَّ خفايا حُسْنِهِ قَدَحي .

أََسَى حَريرٍ شِآمِيٍّ يداعِبُهُ ابريقُ خمرٍ عراقيٍّ شجٍ نَضِحِ

دفعتُ روحي على روحي فَباعدني نَهْدانِ عن جَنةٍ في موسمٍ لَقِِحِ .

أُذْكِي فضائحَهُ لثما فيطردني شداً اليهِ غريرٌ غيرَ مُفْتَضَحِ

تَسْتَقْرِئُ الغيبَ كفي في تَحَسُسِهِ كُرَيْزَةً فوقَ ماءٍ رَيِّقٍ مَرِحِ .

يا لانحدارٍ بطيءٍ أخمصٍ رَخِصٍ ولارتفاعٍ سريعٍ طافحٍ طَمِحِ .

ماذا لقيتُ من الدنيا ؟ وأعجبهُ نهدُ عليَّ ونهدٌ كانَ في سَرَحِ .

هذا يطاعِنُني حتى أموتَ لهُ وذاكُ يمسحُ خدي بالهوى السَمِحِ .

كأنَ زهرةَ لوزٍ في تفتحها تَمِجُ في قبضتي بالعنبرِ النَفِحِ.

دِمَشقُ عدتُ وقلبي كُلُهُ قُرَحٌ وأينَ كانَ غريبٌ غيرَ ذي قُرَحِ ؟

ضاعَ الطريقُ وكان الثلجُ يغمرني والروحُ مقفرةٌ والليلُ في رَشَحِ .

هذي الحقيبةُ عادت وحدَها وطني ورحلةُ العمر عادت وحدَها قَدَحِي .

أصابحُ الليلَ مصلوبا على أملٍ أن لا أموتَ غريبا مِيْتَةَ الشَبَحِ

يا جنةً مرَ فيها الليلُ ذات ضحىْ لعلَ فيها نواسِيَّا على قَدَحي .

فحارَ زيتونها ما بينَ خُضْرَتِهِ و خُضْرَةِ الليلِ و الكاساتِ والمِلَحِ .

لَقد سَكِرْتُ من الدنيا ويوقظني ما كانَ من عِنَبٍ فيها ومِنْ بَلَحِ .

تَهِِرُ خلفي كلابُ الليلُ ناهشةً أطرافَ ثوبي على عَظْمٍ من المِنَحِ .

ضَحِكْتُ مِنْها ومِني فهيَ يقتلها سُعارها وأنا يغتالني فرَحِي
.

No comments:

Post a Comment