Thursday, January 31, 2008

قصيدة نهني الليل - مظفر النواب








ويمكن الاستماع لقصيدة نهنهني الليل وتنزيل الملف الصوتي من هذا الرابط أيضاً



نهنهني الليل

مظفر النواب

نـَهـنهـي الـلـيلُ
على كَـتـفـيْ بسـتانِ الـلـوز
وكان الصمـتُ نـبـي
خافـِتـَةٌ من زمني الطفلي على البعدِ بكت
وتـغـَمَّدني برحـيـمِ الريحـان أبي
ولقد يـَسكـُنني الطـلُّ فـأَسْكـُن
أو يـَتـحـرَّكُ بالـرفـعِ قـَمـيـصي
أو أكسرٌ بعضَ العـُشُبِ
وحِـمـاري يـَتـركُ في الـليلِ مجَـرةَ حُـزْنٍ بـيـضاء
يـُخـوِّضُ فـي العِـشـق يـُشاركنـي طَـرَبي
طَـرِبٌ بالـكون ومن لا يـَطْـرَبُ بالكَـون غَـبـي
مـن ظـنَّ أُبـدِّلُ نـَعـلا مِـنه بـكَـنْـزٍ
يـُخـطـيءُ فـي التـعـَبِ
قَـرفَـصْـتُ لأخْـصـُفَ بَـعـضَ الصَّـبـرِ على النـهر
فـفاضتْ لـُغَـة بـمَـزامـيـر القـَصَـب
أنا من أخـتـمُ سُـبـحـانَ اللّهِ كـِتـاب العِـشْق
أَيـُخـتـمُ بـالـصـمتِ علـى قـربـي
أيتـها الـلغـةُ المُـرضِـعُ بـيـنَ كِـرامِ النَّـخـل
مـُذِ الشَّـمـسُ فـتـاةٌ
والبـدرُ صبـيٌ عـربـيٌ يـلعَـبُ بالشُّـهـب
إن كان نـفانـيَ مَـن يـَتـجَـر بالبعثِ العربي عَمـاً
فـأيائـل مـكـة في نـَسـبي
أولُ مـا يـُتـلى فـي العـشق وبـعـدي
يـتـلوا العـُشـاقُ ومـن لَـهـبـي
لـيَ فـي الـكـون حَـبـيـبٌ
يفتـحُ أزهـارَ المُـشمُـش في الـلـيـل
يـُغـازلـها أو يـُمـطِـر
أو يـصْـعَـد في الحَـبَـبِ
وضـعَـتـْني أمِّـي في البُستان لديه
يُـهجـئُنـي الوردَ وقالـت لأبي
سأكـونُ النـذرَ فلـم يـُجب
ووفـى الـنَّـذر
فـإن مـآذن شِعـري تَـتـكبـر أن تـَتـزيـن بالذهـبِ
تـَذهـبُ فـي الصـحـو
ويـعتذرُ الصحـو إلـيها، هـو يأتـي
فالـصحو يـُحبُ بـلادَ الـعَـرب
عَـرب رضَـعـوا الـعِـزة
شُمٌ ..أَنـُفٌ..
لا عَـربٌ حَـلبـوا الخـنزيـرَ
فـبـالَ من الـحَـلَـبِ
استـعـري يـا نـارُ
مَعـاذَ الله أؤجِّـل عوداً من حـَطَـب
استـعـري وهِـبـي
أو فـاسْتـَعري لمُجـرد أن تـستعـري
فأنا الـعـاشقُ
لا أركـضُ بيـن العـلـةِ والسبَبِ
أَشـرفـْتُ على الزَجَـل البـاكِـر لـلنـهـر
ورَحْـلُ حِـمـاريَ مـملـوءٌ بـنـجـوم الـليـل
وفجـْرٌ يهـتز بأولِ ما يهتز من الزغَبِ
قلبيَ مبثـوثٌ بين عصـافيـر النـهر
وألـتـفُّ مـن الشـوقِ كـما يلتـفُّ خـطيرُُ السحبِ
فعلى محـضِ ذراعيـن مـن المـسْكِ
مـنـازلُ أهـلي
وبُـعـداهُ ذِراعـان
همـا أقطارُ الكون من الخَبـب
كيـف عبـرتُ ولـَم ..؟
فـَأنـَا فـي الطَـرفـيـن مِـن النَّـهـر
كأنَّ الكـوفـةَ في حَـلَبِ
وطَـنـي أنّى يـنـطـقُ بـالـعــربـيـةِ صـافـيـةً
من درنِ القطريةِ والكذبِ
وبـعـمق الـتاريـخ ورفـعة عين الصقر
أحنُّ إلى الوحدة
والوحلُ يضاعفُ أن أزْلقَ
والقاتلُ في طلبِ
ذئبٌ يتأسفُ بالأنيابِ
وأفعاهُ تـَلفُّ عليهِ مِن الذَنـَبِ
وضَـعَ الحَـربَ بغـيـر مكانِ الحربِ
وحيثُ الحربُ تقـلـدَ سـيـفـين من الخَشَبِ
أسرعْ نصلُ السلميةَ قبلَ الليل
لعلَّ أنيساً أو صهلَ الشوقُ
فعبدُالناصر في النقـبِ
ما زال يقاتلُ أو قدرٌ فيه يقاتلٌ بالدمِّ وبالعصب
ستتابـِعك الأجهزةُ المسعورةُ إياها
بمُسجـِّلةٍ وضميرٍ خَـرِبِ
مَسلوبونَ وحتى في النوم يعـضـون من الكَـلَبِ
هذا السوس
فإن لم يُـقضَ عليه تسَوسَ كُـلَّ الوطن العربي
آمنت بهذا الصاعـق
في الحُسن شظاياه وفي الحان وفي الكـُتب
نشوان يقلب في الجمر قـلوب الحكام
ويَضحك في اللهب
يُؤخذ للتحقيق فيَخرجُ
قد حَـقق أن الدولة من خـَشَبِ
ويميـز بين الوحدة بالشَعْبِ
وبين الوحدة بالشُعَبِ
هذي الوحدة للشَعب أعنّـتُـها
سأُصالـحُ دهري
أو ظل عِنان بيد أخرى
فأنا غضبي نارٌ ودمي نارٌ
وأدمر من يتراجع أو يتلوى
أو يتحجج بالركب عن الركب
أَطلب أن يـُفتح باب السجن
ويـُطلقَ من خالف في العشق
وما خالف في العـفة والطرب
ولقد أنت وعدت ووعدك لا بد أَبيّ
بالوحدة هذا طلبي
وأزيلوا الُّـلجم فأن المرض الأول كان لِجاماً
طـوّرهُ النـفط فصار من الذهب
عَبدوا النفط إلها قـُطريـا
والنفط من الله سلاح العرب
ليكن هذا النفط فدائياُ أو ننسفه
ونعيش على العزة والحَطَب
ولتجربة أقترح النَّسفَ الأول نجدا
أَدَبا للنفط فإن النفط بلا أدَب
لا يسند ظهري كالنخلة
والبرقُ أقـلُّ كثيرا في السُحُب الأخرى من سُحبي
كنت بأعلى النهرين أُساقي القمح
وأمسح بالثوب خدود البصل التَّـرِب
وترصدني الذئب فقد نام الحَيُّ
وكِدْتُ من التـعـب
ويمن الله بقافلة للشام
فتحمل لي قِـرَبي
لم أُطق الصمت على ما يحدث في الشام
فأمصرتُ ولاقتني مصر
ودمعتها بين الجفن وبين الهدب
طوفتُ بأضرحة الشهداء
وكل ضريحٍ يُمسك بي
مصر إلى الوحدة قادمة
مصر إلى الوحدة قادمة
كلا نذهب نحن إليها
أُمُّ معـاركـنا الكبرى والسببِ الخـَصِب
وأَطل الفجر أنا عَـدَنٌ
وحماري مما الريح بنا تعصف في عَجَب
لم أَلق حدودا لا تختُـمُ بالـقَهْر
وتمنعنا جَـنَفاً وتـُفتـشُ عن سببِ
بلـدٌ لا نـخرجُ منه..بلـدٌ لا نـدخله
أو ندخل بالعشقِ وتُـخرجنا الشرطةُ بالـعَـطَب
قسماً بالخبز وبالماء وبالرُطَب
قسماً بتراب أبي
لن أتأخر عن سيف يـُشهر ضد الـقمع
ورأسُ أفاعيه بنجدٍ والناب
وثَم أفاع نابان لها في الذَنـَب
حلف أفاعٍ يتوزع في هذا الليل
فإن شم لهيباً لَزِم الجُـحْر وراقـب عن قـُرُب
أو يتـوزع أدوارا أخْـطَرها الصِّـل
بملمسه الرطب
ناركَ ناركَ ناركَ واقـحم
فلقد دخلوا الكعبة للقتل
وصُفي شعب بين الحُـجُب
لـغمـار الأزمنة الغامرة الخِصبِ
أمد يداً في خاتـمها دمعة شوق للوحدة
من جفن المتنبيء جَـفَّ الأمراء وما جفت..
ويجفون وتبقى الوحدة والشَّعـب
وكأس المتنبيء والعـنـب
صَممٌ في أذني لكـثرة ما سُميت غريباً
وتداولني البـيْنُ على الغرب
وصداحي يجتذب الخطر الصِّـرْف
فما أمزج بالماء العذب
أعرف أن القاتل خلف حذائي
في الشارع في السلم في الغرفة
في المسموحِ من الكتب
رحِب وطني بالطير وبالبسطاء وبالعشق وباليَلَب
ويضيق قـقبر بالسلطة
والفطرة ليس لها من سبب
مهما اكتحل الثعلب ليس ظَبـي
ومن العيب تـُحط القومية فوق المشجب
في حفلات العرس
ونلبس في طُـنُب
طُـنُبٌ عرب ليس جدالا في ذلك
والنبطية تلك أليس من العرب؟
أهنا في العرب النُّـجُب وهنا في العرب الجُنُب ؟
قبلت عيون قوافل تخرج للشام بمحض الشوق
فما زلت أعشق حتى يكتمل العقد
بحانتها عتبي
في أكثر من سجن لي أحباب
دخلوا عن سبب أكثر من سبب
اطلب أن يطلق أحبابي
إن ليس مشاركة في الحرب
مشاركة في السد من النوب
أول حتى للوحدة هذا
وأنا مثل الوحدة لا أتراجع عن طلبي
إن ركب الجو النسر سينقض شهابا
أو سجن النسر يمد الرأس من القضبان
يحدق في الشهب
وأجيء إلى صدرك يا شام
تداوين جروحي منك
وحد لساني عهدك بي
أو ليس من التعبئة العربية
إلا يترك في السجن فتى عربي
ولكي لا يلتبس المسك
فأحبابي يرفع كل زنزانته من داخلها
وينقض بملحمة الطرب


ملاحظة: مصدر القصيدة هو الملف الصوتي أعلاه لذا يرجى اعلامي في حال وجود خطأ في كتابتها

Saturday, January 19, 2008

قصيدة رسالة حربية عاشقة - مظفر النواب











ويمكن الاستماع لقصيدة رسالة حربية عاشقة وتنزيل الملف الصوتي من هذا الرابط أيضاً



رسالة حربية عاشقة

مظفر النواب

"نداء إلى الطيارين العرب مازال مفتوحا "

في الليل تسلل

حمل طائرة الفجر قنابل وهلاهل

نفذ عشقك

اخرج عن أمر قياداتك

خذ في الجو طريقا مشبوها تعرفه وأنا اعرفه

وجماهير الأمة في عين الحلوة تعرفه

امرق سهما منتصرا

امرق نسرا شامخا منتحرا

اخترق الجبن الرسمي

الآن ... الآن العاصمة الاسرائيلية تحتك

من أخذوا رضع (عين الحلوة) تحتك

من قصف الدامور

من احرق صور

من أمطر ألاف قنابله العنقودية في ارنون وخلده تحتك

من دفن النبطية فلم تدفن

بالضبط هو الآن هنالك تحتك

افتح أبواب جهنم يا نسر

رشاشاتك يا نسر

صواريخك

حبك للدنيا

غضبك

ألهب أحزانك ...

غربتك المرة في صمت العالم

نارك

العب لعبتك الربانية على عنق مدافعهم

وتأرجح نشوانا .. نشوانا ... نشوانا

مثل سكارى العالم قاطبة بين قذائفهم

نفذ نارك

يا اللّه ننفذ أقدارك

يا نسر إذا حاصرك الأعداء

يا نسر اذا لم يبق لديك قنابل

يا نسر إذا حان لقاء اللّه

خل جبين الطائرة الفذة نحو الأرض

تماما نحو الأرض

خذ سرعتك القصوى

دمر أي مكان في العاصمة الاسرائيلية واستشهد

فاللّه سيلقاك قبيل وصول الأرض

أو أنت وصلت احتضنتك فلسطين


Friday, January 18, 2008

قصيدة بنفسج الضباب - مظفر النواب










ويمكن الاستماع لقصيدة بنفسج الضباب وتنزيل الملف الصوتي من هذا الرابط أيضاً


مظفر النواب

بنفسج الضباب

حبيبتي...
أشم زنديك العروسين
وعقم الليل في فراشنا
والهمس
أنا أرى باللمس
ما عاد غير اللمس
مدينة يكذب فيها الناس على أنفسهم
تقول في أسوأ أوضاع لها
لا بآس
تموت فيها الشمس
حبيبتي...
كتبت أحزاني على الجسور والنساء
كتبت عمرك الصغير في بنفسج الضباب
نام فيه الماء
خبأته من غزوات الليل
من لصوص الجنس والأعداء
كتبته بالتبغ والنبيذ والذهول والضياء
وحينما أشتد أوار القصف في مدينتي
تكاثر الصلاة والبغاء
مدينة يكذب من فيها على شفاههم
ليس لها شفاء
حبيبتي...
بالأمس قد عبرت جسر اليأس والرياح
لم يكن في الطريق غير المخبرين والنباح
سألتهم إن وجدوا هويتي
ودفتر الديوان والمفتاح
فقلبوا شفاههم والقوا القبض علي
وأودعوني غرفة التوقيف
وانتظرت أن يجيء اللّه في الصباح
لم يأت يا حبيبتي
وها أنا ضيف على التعذيب
في زنزانة أخرى بلا مصباح
مدينة تلقي علي القبض يا حبيبتي
يصبح فيها أعجز الناس هو السلاح
أفرج عني صدفة بالأمس
وحينما خرجت من جعبتهم
كنت أرى باللمس
وربما قد مات في الزنزانة الأخرى
الذي دق على جداري
لم أكن هنا أسمع عبرة الليل غير الهمس
وقدا تناهى الهمس
وكانت الحانات عبر الشارع الطويل
تكتظ بالحزن وضبط النفس
مدينة يبول من فيها على أنفسهم
أنظف منها اليأس
وها أنا مشرد أقرأ وجه الناس
والباصات والأفلام في الطريق
أقرأ إعلانا عن السلم
وفيه أقرأ التلقين والتصفيق
أبحث عن كتاب الحزن... أو صديق
يا عالما بلا صديق
يا عالما يختنق الإنسان فيه في الزفير مرة
ومرتين في الشهيق
مدينة يمنع فيها الشعر
أو يحتكر الكلام كالشعير يا حبيبتي
يقتلها النقيق

Friday, January 4, 2008

قصيدة في الحانة القديمة - مظفر النواب

في هذه التدوينة سيتم عرض القصيدة المشهورة "في الحانة القديمة" للشاعر مظفر النواب والجديد الذي أقدمه هنا هو عرض الصيغ المختلفة للنص الشعري والذي أعتقد شخصيا أن الاختلاف في الصيغ يخدم غرضا ربما يكون تاريخيا ومرحليا وربما يكون أدبيا أو غير ذلك وهنا أنوه الى الحاجة الملحة لدراسة هذا التغيير في النص دون الجوهر طبعا من نقاد الأدب المختصين في العالم العربي وأتمنى أن يحصل ذلك ونراه قريبا
النص الأول هو الأكثر تداولا حيث نجده في الأعمال الكاملة للشاعر وبتسجيلات صوتية منتشرة ونرجح أنه النص الأصلي الأقدم من حيث تاريخ كتابته
يليه النص الثاني والذي قمت بكتابته من الاستماع الى التسجيل الصوتي الملقى في أمسية في ليبيا في أواخر التسعينيات من القرن الفائت
ثم يليه النص الثالث والأخير لدي وكسابقه كتبته عبر الاستماع للتسجيل الصوتي الملقى في أمسية في قصر الأونسكو بلبنان عام 2000
وهذا كل ما لدي عن هذه القصيدة وأرجو ممن يستطيع الاضافة أو التصحيح أن يخبرني وسأكون ممتناً له












ويمكن الاستماع لقصيدة في الحانة القديمة - التسجيل الأول - وتنزيل الملف الصوتي من هذا الرابط أيضاً


في الحانة القديمة


المشرب ليس بعيداً.. ما جدوى ذلك
أنت كما الاسفنجة تمتص الحانات
ولا تسكر
يحزنك المتبقي من عمر الليل بكاسات الثملين
لماذا تركوها؟
هل كانوا عشاقاً؟
هل كانوا لوطيين بمحض إرادتهم كلقاءات القمة؟
هل كانت بغي ليس لها أحد
في هذي الدنيا الرثة؟
لو كنت هنا خبأت بسترتك التاريخية رغبتها
وهمست بدفء في رئتيها الباردتين..
أيقتلك البرد؟
أنا يقتلني نصف الدفء.. ونصف الموقف أكثر
سيدتي.. نحن بغايا مثلك
يزني القهر بنا.. والدين الكاذب.. والفكر الكاذب..
والخبز الكاذب..
والأشعار.. ولون الدم يزور حتى في التأبين رماديا
ويوافق كل الشعب.. او الشعب
وليس الحاكم أعور
سيدتي.. كيف يكون الإنسان شريفاً
وجهاز الأمن يمد يديه بكل مكان
والقادم أخطر
نوضع في العصارة كي يخرج منا النفط
نخبك.. نخبك سيدتي
لم يتلوث منك سوى اللحم الفاني
فالبعض يبيع اليابس والأخضر
ويدافع عن كل قضايا الكون
ويهرب من وجه قضيته
سأبول عليه وأسكر.. ثم أبول عليه وأسكر
ثم تبولين عليه ونسكر
المشرب غص بجيل لا تعرفه.. بلد لا تعرفه
لغة.. كركرة.. وأمور لا تعرفها
إلا الخمرة بعد الكأس الأولى تهتم بأمرك
تدفئ ساقيك الباردتين
ولا تعرف أين تعرفت عليها منذ زمان
يهذي رأسك بين يديك
بشيء يوجع مثل طنين الصمت
يشاركك الصمت كذلك
بالهذيان.. وتحدق
في كل قناني العمر لقد فرغت
والنادل أطفأ ضوء الحانة عدة مرات
لتغادر
كم أنت تحب الخمرة.. واللغة العربية.. والدنيا
لتوازن بين العشق وبين الرمان
هذى الكأس واترك حانتك المسحورة
يا نادل لا تغضب فالعاشق نشوان
املأها حتى تتفايض فوق الخشب البني
فما أدراك لماذا هذي اللوحة للخمر..
وتلك لصنع النعش.. وأخرى للإعلان..
املأها علنا ... يا مولاي
عفواً يا مولاي فما أخرج من حانتك الكبرى
إلا منطفأً سكران
أصغر شيء يسكرني في الخلق فكيف الإنسان
سبحانك كل الأشياء رضيت سوى الذل
وأن يوضع قلبي في قفص في بيت السلطان
وقنعت يكون نصيبي في الدنيا.. كنصيب الطير
ولكن سبحانك حتى الطير لها أوطان.. وتعود إليها
وأنا ما زلت أطير.. فهذا الوطن الممتد من البحر الى البحر
سجون متلاصقة
سجان يمسك سجان....












ويمكن الاستماع لقصيدة في الحانة القديمة - التسجيل الثاني - وتنزيل الملف الصوتي من هذا الرابط أيضاً


فِي الحانَةِ القَديمَة

المَشْرَبُ ليسَ بعيداً
ما جَدوى ذلـكَ..؟
أنتَ كما الإسْـفـَنجَةِ
تَمْتـَصُّ الحاناتِ ولا تسْكـَر
تُحْزِنُكَ التـَّركـاتُ بكـاسـاتِ الثـََّمِلينَ
أكانـوا عُشـَّاقاً مُبتـدِئـين
وحيـداً...
عَشـقَ الأيامَ وطَلـََّقـَها
أو بِضْعَ لُواطييـن
احْـتـَفـَلوا كـلقـاءاتِ القِمـةِ
واخْتصَـروا المحضَر..
أو بغـيٌ تَتَدفـَّؤُ
لو أنـتَ دَنَوْتَ
وأدفأتَ يديْـها البارِدَتـَيْـن..
أَيقـتلـكِ البَـرْدُ..؟
أَنا يَقْـتلـُني نِـصْفُ الدِّفْءِ
ونِـصْفُ المَوْقِـفِ أَكْـثَـر
سيِّدَتي علَناً أنت
ونَـحْـنُ زٍِنـا القَـلبِ يشَـوهِّـنا
ما عُـذر زِِنا المِلـح ؟
عُـذرِ السُّـكـََّـرِ أنَّ السُّـكـََّـر سـُكـََّـر
خَلـْفَ زُجـاجِ الحَانَةِ
أُسْتٌ ذو أُسْتينِ يُراقبُـنا
دُسِّي في جَيبي شيئاً نُرْبـكـُهُ
نثيـرُ شَهـيَّـتـَه وشَهِـيتَـنا
نَخـْبَ الشَّـيْء ..
سيكـتـُـبُ فيـنا مَلـْزَمةً
لا يكفي
احتضِـنيـني
سأُكَـتـِّبـُهُ ابن الكلبةِ هذي الليلةَ دَفـتـر
أنتِ تبيعين الخُرْدَةَ سيدتي في خَجَـلٍ
والسيدُ ذاك
عَرفتِ السيدَ ذاك..؟
يبيعُ البيتَ ويزْأَر
ويدافِـعُ عَـن كـُـل قَـَـضايا الكَـون
ويهْـربُ مِـن وجْـهِ قَـضيته
سأَبـولُ عليه وأسْـكَـر
ثُـمَّ أَبـولُ عَليه وأَسْـكـر
ثُـمّ تَبـولينَ عَلَيْه ونَسْـكـر
المشرب غَـصَّ بجـيـلٍ لا تَعْـرِفـُهُ
ثرثَـرتَين تَـحيكان قَـَميصا لا تَعْـرِفُـهُ
كَرْكـرَةً جَرحَتْـك بصُبـغِ أَظـافِـرِها
لا تَسْــأل عـن كُـرسِـيـكَ إلا القِـنِّـيـنةُ
أين تـََعَـرَّفْـتَ عليها ...
أيَّ زمَـان ..؟
يهذي بيـنَ يديْـكَ صُداعُـكَ..
أيامُـكَ...
بعضُ أوراقِ الحَـظِّ
وشيءٌ آخَـرُ لا تعْـرِفُـه
يدْخُـلُ في كـُلِّ خُـطوطِ الهذيان
أُحدِّقُ...
كُـل قَنـاني العُمْرِ لقد فَـرغَت..
والنادلُ أطفَـأَ عِـدَّةَ مَـرات لِتُغـادِر
كَمْ أنْـتَ تُـحِب الخمرةَ والعربية والرمان
هذي الكأسُ
وأتـْرُكُ حانتـَكَ المسحورةَ يا نادل
لا تغضَبْ فالعاشقُ نـَشْـوان
املأها حتى تتفـايضَ فوقَ الخشَبِ البـُنـّي
فما أدراكَ لماذا الـلوحَـةُ هذي للخمرِ
وتلك لصنعِ النـَّعـْش
وأخرى للإعـلان
املأها عَلنا يا مَولاي
فـَما أخْرُجُ من حـانـَتِـك الكبرى
إلا مُنطَفِـأً سكـْران
أصْغـَر ما في خـَلقـك يسْـكِرُني مولاي
فكيف الإنـْسان..!!
سبـْحانـك كُـل الأشياء رَضيتُ
سوى الـذُّلِّ
وأنْ يوضَعَ قلـْبيَ في قـَفص
في بيت السـُلطان
وقـَنعتُ نصيبيَ في الدنيا كنـَصيبِ الطير
ولكن سبحانـَكَ حتى الطيرُ لها أوطان
وتـَعودُ إليها
وأنا ما زِلـْتُ أطيـرُ
فهذا الوطنُ المـُمْـتدِ
منَ البحْـرِ الى البحرِ
سـُجونٌ مُـتلاصِـقةُ
سجَّانٌ يُـمسـكُ سجـان









ويمكن الاستماع لقصيدة في الحانة القديمة - التسجيل الثالث - وتنزيل الملف الصوتي من هذا الرابط أيضاً


في الحانة القديمة

مقدمة

إذا خَمِرَتْ الروحُ بالعشق سكـرَ الجسدُ بالماءِ القراح، وانزاحَ معنى الحانةِ إلى معنى الوجود
كلٌ حسبَ طريقتـِهِ في العشقِِ يُـصلي، وإذا اعتَـكَرَ اللـفظُ حَجَبَ الكثيرَ من المعنى.
والإبداعُ تركيبُ الألفاظِ لتشفَّ أكثـرَ عن المراد أو أقل؛ لتوفيرِ الظلمةِ للنجومِ البعيدة.
هنا المشكل: أن تشفَّ الروحُ بالكلمة أوتشفَّ الكلمةُ بالروح؟ هذا عشقٌُ وهذا عشق.
جاءَ في أغنيةِ الزمن أنَّ المدمنَ يلازمُ الخلوة، وفي زمنٍ مثلِ زماننا مريضٍ بوباءِ التلمود
تنزاحُ أوتارُ المغني إلى معنى الشهادة لكي تتملكَ الروحَ شفافيةُ الزمن.
والشهادةُ ثباتُ الجنانِ والقدمينِ في مواجهةِ احتلالِ الأجانبِ واحتلالُ ذوي القربى،
وظلمُ ذوي القربى أشدُّ مضاضة.
ونعودُ إلى جمالِ الاستعارة، جاءَ في الحانةِ القديمة:


المشربُ ليسَ بعيداً
ما جدوى ذاك؟
انتَ كما الإسْـفَنجةِ
تمتصُّ الحاناتِ ولا تَسْـكَر
تُحزِنُكَ التركاتُ بكاساتِ الليل
تُـرى؟ غلبَ النومُ على العشقِِ
أمِ العشقُ تغير؟
أو بضعةُ مُنحَطينَ اجتمَعوا
كلقاءات القمة
واختصروا المحضر؟
أنت وهذي الحانة والليل
وليس لهذا البرد سوى كأسين
وأنك تؤمن أن المحظور يباح دواء للقلب
وأنك تؤمن بالله وأكثر
تتلمس أقرب كرسي نخرته الأيام
تعيد خطوط امرأة تركته تفتش عن دفء
مهما نخرتك السنوات
لأدفأت يديها الباردتين
أيقتلك البرد؟
أنا يقتلني نصف الدفء
ونصف الموقف أكثر
تسترق النظرات الى الشباك ونهديها
سيدتي
خلف زجاج الحانة
أست ذو أستين يراقبنا
دسي في جيبي شيئا للدفء
نثير شهيته وشهيتنا
نخب الشيء
سيكتب ملزمة
ملزمتين ثلاثة
لا يكفي.. لا يكفي..
احتضنيني
سأكتبه الليلة ابن الوسخة دفتر
نخبك سيدتي
ما بعت سوى اللحم الفاني
فالبعض يبيع اليابس والأخضر
ويدفع عن كل قضايا الكون
ويهرب من وجه قضيته
سأبول عليه وأكثر
ثم أبول عليه وأكثر
ثم تبولين على عينيه ونسكر
ما عذر زنا الملح؟
زنا السكر ان السكر سكر
مفهوم مما باللحم زنى اللحم
فكيف زنى الروح يبرر؟
المشرب غص بجيل لا تعرفه
ضجات لغات لا تعرفها
وامرأتين تحيكان لباسا أسود
عن سيدة لا تعرفها
والكل يحدق فيك
كأنك من أهل الكهف
ويضحك من تقطيبة عمرك
غر ما خطت بعد شواربه
تتفحص وجهك..
أزرار قميصك..
سحاب السروال
لعل الغر يراقب أوضح ما في الكون وأخطر
تطبق جفنيك على وجع
تتذكر أخلاق الخمرة بالأمس
لقد كان الصحو من الخمرة منكر
تهمد في زاوية عشعش فيها الاهمال
ولا تهتم بأمرك إلا الخمرة
تدفؤ ساقيك الباردتين
وتنعش شمك لامرأة أقصى الحانة
تتمنى واحدة تأخذ رأسك
مما صار يطن ويصفر
وانحنت المرأة ترأب شق الثوب
فند بنفسج ما بين النهرين
وآخر ما اجتهد التفاح
وصاح الرمان
وتحدق في أرجاء الحانة
كل قناني العمر لقد فرغت
والنادل أطفأ عدة مرات لتغادر
هذي الكأس...
وأتررك حانتك المسحرة يا نادل
لا تغضب
فالعاشق نشوان
املأها حتى تتفايض فوق الخشب البني
فما أدراك لماذا اللوحة هذي للخمر؟
وتلك لصنع النعش؟
وأخرى للإعلان؟
املأها علنا يا مولاي
فما أخرج من حانتك الكبرى
إلا منطفأ سكران
أصغر شيء في خلقك يسكرني مولاي
فكيف الإنسان؟
سبحانك كل الأشياء رضيت سوى الذل
ويوضع قلبي في قفص
في بيت السلطان
ورضيت نصيبي في الدنيا كنصيب الطير
لكن سبحانك حتى الطير لها أوطان
وتعود إليها
وأنا ما زلت أطير
فهذا الوطن الممتد
من البحر الى البحر
سجون متلاصقة
سجان يمسك سجان